اخبار

تمرد مرتزقة فاغنر وحرب روسيا في أوكرانيا !

د. عبدالمجيد الجلاَّل ظلَّ الوضع القانوني والمالي لمرتزقة فاغنر ، غير معروف ، لفترةٍ زمنية ليست بالقصيرة ، وذلك ، لدى الكثير من المعنيين بالشأن الروسي ! كما ظلت العلاقة بينها ، وبين الدولة الروسية ، ضمن الأسرار العسكرية ، وتُحيط بها ، الكثير من درجات الغموض وعلامات الاستفهام ! ظلت كذلك ، حتى اعترف الرئيس الروسي بوتين ، بعد أيامٍ من محاولة التمرد قصيرة الأمد ، بأنَّ الحكومة الروسية كانت تُمول مرتزقة فاغنر ،بما يصل إلى 86 مليار روبل ، أي نحو 1.1 مليار دولار سنوياً ! وهو تمويل مُستحق ، فقد كانت مجموعة فاغنر ، تعمل ، كقوة استراتيجية لروسيا ولنفوذها حول العالم ، في الشرق الأوسط ، وأفريقيا ،وأخيراً في أوكرانيا ، إذ أعطت فاغنر لروسيا شيئاً أشبه بالنصر ، عندما سيطر جنودها على مدينة باخموت الأوكرانية المدمرة هذا العام ،ضمن معارك الحرب الروسية الأوكرانية ! وكانت فاغنر ، لها مصادر تمويل خاصة بها ، من خلال دعمها لميليشيات مسلحة تخدم مصالحها ، ومن خلال استغلال ونهب الثرواتالطبيعية من نفط وذهب ، في أفريقيا ، وسواها ! بالتأكيد ، كانت مجموعة فاغنر ، أنجع قوة عسكرية روسية ، تمَّ استخدامها ، بشكلٍ سافر ، في أوكرانيا ، وفي العديد من مناطق العالم ،في سياق الصراع الروسي مع الغرب وحلف الناتو ، وكانوا أفرادها يتلقون رواتب أفضل ، مقارنة بالجيش النظامي ، وكان حماسهم للقتالكذلك أفضل ! ولكن ، كما يُقال ، جنت على نفسها براقش ، إذ بدأ قائد مرتزقة فاغنر يفغيني بريغوجين ، عبر وسائل إعلام محلية وأجنبية ، بالتهجم مباشرةعلى القيادة العسكرية الروسية ، وتحديداً وزير الدفاع سيرغي شويغو، وقائد القوات المسلحة فاليري جيراسيموف، بشأن فشلهما في إمدادمرتزقته بالمعدات والذخيرة الكافية في باخموت الأوكرانية، وطالب بوتين بعزلهما ، كما اتهم الجيش بشن هجوم مميت على رجاله في أوكرانيا! ووجد قائد فارغنر هذه المبررات ، فرصة له ، لإعلان التمرد ضد الدولة الروسية ، واستعد بوتين وجيشه لسحق التمرد ، وجاءت وساطة الزعيمالبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو لتُنهي هذا التمرد ، وقام بالفعل بريغوجين بوقف مخططه ، بعد يومٍ واحد فقط من تمرده ، وأمر رجاله بالعودةإلى قواعدهم ، نظير عدم توجيه اتهامات جنائية له ، وعفو عام عن مقاتليه كذلك ! أكثر من ذلك ، عمد بوتين إلى دك معاقل حليفه السابق ، وتفكيك قواعد قلعته الحصينة ، إذ قالت محللة روسية في معهد دراسات الحرب، بأنَّ”روسيا تقوم عملياً بتفكيك واحدة من قواتها الهجومية القادرة على خوض المعارك ، ومن أجل ذلك ، قال الكرملين إن مقاتلي فاغنر لديهم حتىالأول من يوليو ، ليقرروا ما إذا كانوا سيوقعون على عقود بالانضمام إلى الجيش النظامي ، وإذا لم يوقعوا ، فإن بإمكانهم إما العودة إلىالمنزل أو الذهاب إلى بيلاروسيا المجاورة حيث يفترض أن بريغوجين يعيش في منفاه. ومن ثمَّ ، فقد انتهى عملياً دور قائد مرتزقة فاغنر يفغيني بريغوجين في المشهد السياسي الروسي ، ومن المُستبعد جداً ، أن يثق به بوتين ،أو يسامحه على الإطلاق ، لأنه أوشك على إشعال فتيل حرب أهلية. في الداخل الروسي ! إذن ، من المؤكد ، أنَّ وجود فاغنر في أوكرانيا قد انتهى، على الأقل كوحدة مستقلة ، ربما يعود بعض المقاتلين السابقين إلى هناك كجزء منالجيش النظامي الروسي ، لكن عملها السابق ، والإذعان لقائدها فقط ، ولّت أيامه ! ولكن السؤال المطروح بقوة بعد إنهاء تمرد فاغنر ، عن مدى تأثير كل هذه الأحداث الروسية الدرامية على مُجريات حرب روسيا ضد أوكرانيا ؟ بهذا الشأن ، يقول قسم التحقق من صحة الأخبار في بي بي سي : أنَّه لم يُلحظ أي تغير كبير على المواقع في الخطوط الأمامية حتى الآن، وتقول خبيرة عسكرية روسية ، تعمل في جامعة كينجز كولدج لندن : لا أعتقد أنه سيكون لذلك تأثير في الوقت الحاضر لأن روسيا فيموقف دفاع ، وأضافت : إذا تمكن الجيش النظامي الروسي من استيعاب جنود فاغنر وإعادة توجيههم تحت هيكلية قيادية واحدة، فإن ذلكلن يؤدي بالضرورة إلى إضعاف الجانب الروسي ! ولكن ، ربما سيعتمد الأمر ، على مسألة الروح المعنوية في أوساط القوات الروسية المنتشرة على الجبهة ، فإذا شكوا بأن قادتهم يتقاتلونفيما بينهم، فإن ذلك سيؤثر بشكل جدي ، مع مرور الوقت ، على الروج المعنوية في مناطق القتال ، كما أنَّ خروج مرتزقة فاغنر من أوكرانيا ،قد يمنح بعض الارتياح لأوكرانيا ، فقد كانت بالنسبة للجيش الأوكراني ، قوة غاشمة ، أكثر فتكاً وصلابة من الجيش الروسي النظامي !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى