اخبار الإمارات

أسباب استثمار شركات الرقائق الإلكترونية المليارات في «التغليف المتقدم»

ت + ت الحجم الطبيعي

يشمل إعلان شركة سامسونغ استثمار 40 مليار دولار في صناعة الرقائق بولاية تكساس، خطة لبناء منشأة مخصصة لـ «تغليف الرقائق المتقدمة»، ما يجعل الولايات المتحدة تخطو خطوة مهمة تجاه القدرة على إنتاج أحدث رقائق الذكاء الاصطناعي على أرضها.

ويعد قرار الشركة الكورية بمثابة نجاح كبير لإدارة الرئيس بايدن التي أدركت، إلى جانب الصين، الأهمية المتزايدة للتغليف المتقدم في سلسلة التوريد الخاصة بالرقائق الإلكترونية.

إذ تضخ شركات صناعة الرقائق الرائدة في العالم مليارات الدولارات لتوسيع وتعزيز تقنيات التغليف المتقدم، مقتنعة بأنها ستكون حاسمة في تحسين أداء الرقائق الإلكترونية.

ما هي تعبئة الرقائق المتقدمة؟

ومع اقتراب عملية تصغير حجم الرقائق من الوصول لأقصى حدودها المادية، يجب على صانعي الرقائق تحديد طرق بديلة لمواصلة تحسين الأداء؛ لمواكبة الطلب المتزايد على الحوسبة المكثفة لتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ومن خلال دمج أو «تغليف» رقائق متعددة، سواء من النوع نفسه أو أنواع مختلفة، معاً بشكل أوثق، يمكن لصانعي الرقائق تعزيز السرعة والكفاءة مع تجنب قيود التصغير.

ما هي أمثلة التغليف المتقدم؟

الذاكرة ذات النطاق الترددي العالي (HBM) هي شرائح عالية الأداء مثل وحدات معالجة الرسومات (GPUs) من «إنفيديا»، وتحتاج كمية هائلة من الذاكرة لتخزين حساباتها، فحتى أحدث رقائق الذاكرة لا توفر وحدها «سعة تردد» كافية لتخزين الحسابات وتبادلها حسب الحاجة.

ويتم إنتاج رقائق الذاكرة ذات النطاق الترددي العالي عن طريق تكديس طبقات من رقاقات ذاكرة الوصول العشوائي الديناميكي (Dram)، وربطها بأسلاك صغيرة تمر عبر ثقوب صغيرة في كل طبقة، كأنها مكتبة متعددة الطوابق مع مصعد ينقل بسرعة كميات كبيرة من الكتب بين الطوابق لاستلامها وتوزيعها.

بالنسبة إلى رقاقة الذكاء الاصطناعي «هوبر» H100 من شركة إنفيديا، يتم دمج 6 شرائح من الذاكرة ذات النطاق الترددي العالي (HBM) مع وحدة معالجة رسومات (GPU) من تصميم إنفيديا، وإنتاج «تي إس إم سي»، باستخدام تقنية التغليف المتقدمة «شريحة على رقاقة على ركيزة» (CoWoS)، للشركة التايوانية. توضع وحدة معالجة الرسومات وشرائح الذاكرة على واجهة من السيليكون تعرف باسم «السطح البيني»، والتي يتواصلان من خلالها مع بعضهما البعض، ثم يوضع السطح البيني على طبقة أساسية أو «ركيزة».

وتمتلك شركتا «سامسونج» و«إنتل»، المنافستان لشركة «تي إس إم سي»، أسماء خاصة لإصدارات مماثلة من التقنية نفسها.

وأحياناً، يُطلق عليها تقنية التغليف المتقدم «2.5 دي»، لأنه رغم تكديس طبقات شرائح ذاكرة «دي رام» في رقائق الذاكرة ذات النطاق الترددي العالي، يتم وضع هذه الرقائق ووحدة معالجة الرسومات بجوار بعضهما. وستصبح منشأة سامسونج الجديدة بولاية تكساس قادرة على تنفيذ تقنيات التعبئة «2.5 دي» وتغليف رقائق الذاكرة ذات النطاق الترددي العالي، بينما تقوم شركة تصنيع الرقائق الكورية «إس كيه هاينكس» ببناء مصنع لإنتاج رقائق الذاكرة ذات النطاق الترددي العالي بولاية إنديانا.

ويشير «التغليف ثلاثي الأبعاد» في هذا السياق إلى التكامل العمودي بين مكونات رقائق الذاكرة ذات النطاق الترددي العالي ووحدة معالجة الرسومات، ومع ذلك، لم يتمكن المهندسون حتى الآن من معرفة كيفية الحفاظ على تبريد وتشغيل هذا النظام بشكل فعال.

ويعد التغليف المتقدم فعالاً عندما تصل الشريحة إلى حد القيد المادي (لا يمكن تصغيرها أكثر من ذلك). فالرقائق المستخدمة في الهواتف الذكية خير مثال على ذلك، لأنه لم يعد ممكناً جعل رقائق المنطق أصغر حجماً، أو زيادة حجم الهواتف الذكية.

في عام 2017، كشفت شركة صناعة الرقائق التايوانية «تي إس إم سي»، بالتعاون مع شركة آبل، عن تقنية جديدة للتغليف المتقدم تُعرف بـ «إنتجرتيد فان آوت». وتتضمن هذه التقنية دمج رقائق المنطق والذاكرة معاً من خلال طبقة «إعادة توزيع» جديدة عالية الكثافة، ما يعزز الأداء دون الحاجة إلى طبقة قاعدية أكثر سماكة.

ويحتاج التغليف المتقدم مزيداً من التعاون بين المتخصصين في هذا القطاع. على سبيل المثال، تعمل «تي إس إم سي»، وهي شركة ليس لديها خبرة في إنتاج رقائق الذاكرة ولديها خبرة في رقائق المنطق، مع شركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في سوق رقائق الذاكرة ذات النطاق الترددي العالي، والتي تفتقر في الخبرة برقائق المنطق، وذلك كله من أجل إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي من إنفيديا.

في الوقت نفسه، تتمتع شركتا «سامسونج إلكترونيكس» و«إنتل» بخبرة في تصنيع رقائق المنطق والذاكرة، فضلاً عن التغليف المتقدم، ما يعني أنه بإمكانهما تزويد العملاء بخدمات متكاملة تغطي المجالات الثلاثة.

كما يمثل النمو في أهمية المتزايدة للتغليف المتقدم فرصة لصانعي الرقائق من الدرجة الثانية وشركات التغليف التقليدية، للاستثمار في تطوير قدرات التغليف الخاص بهم، للاستحواذ على حصة أكبر من سوق الرقائق الإلكترونية التي تبلغ قيمتها 500 مليار دولار.

تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى