اخبار

الحكومة تفشل مرة أخرى في إنهاء إضراب المعلمين.. الآلاف يعتصمون أمام مجلس الوزراء

لم يقنع الاتفاق الذي أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية عن إبرامه مع اتحاد المعلمين، الخميس الماضي، برفقة عدد من النقابات، الآلاف من المعلمين، ولم ينهِ إضراب وأزمة المعلمين المتواصلة منذ الخامس من فبراير/ شباط الماضي.

واعتصم المعلمون، ظهر اليوم الاثنين، أمام مقر مجلس الوزراء للمرة الثانية خلال شهر، لمطالبة الحكومة بتنفيذ اتفاق أبرم عام 2022، وفق مبادرة للجنة من مؤسسات أهلية وحقوقية، لإنهاء إضراب استمر حينها قرابة شهرين حينها.

وبخلاف اعتصامات سابقة تجاهلت فيها الحكومة الحديث المباشر مع المعلمين، حاول وزير التربية والتعليم مروان عورتاني، ومعه الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم، إقناع المعلمين المعتصمين بالآلاف باتفاق الخميس الماضي، والقول: “إن الحكومة ملتزمة بالاتفاقات الموقعة سابقاً”.

واستقبل المعلمون تصريحات عورتاني تارة بمقاطعته مرددين هتافات رافضة تجزئة صرف علاوة طبيعة العمل المتفق عليها، وهي 15%، مطالبين بإنشاء نقابة تمثلهم، وتارة أخرى بالتجاهل والتحدث عبر مكبرات الصوت متجاهلين كلمة عورتاني.

وقال عورتاني: “إن الحكومة ملتزمة بتطبيق رفع علاوة طبيعة العمل بـ15% بأثر رجعي منذ الأول من يناير/ كانون الثاني من العام الجاري، تدفع نقدا 5% منها في راتب شهر مارس/ آذار الجاري، بينما تبرمج وترصد الـ10% الباقية على قسيمة الراتب بعد أسبوعين، دون أن يذكر مواعيد محددة لصرفها، حيث كانت تنص الاتفاقية الموقعة الخميس الماضي، والتي عولت الحكومة عليها لإنهاء إضراب المعلمين؛ على أنها تصرف عند توفر الأموال”.

وأضاف أن الحكومة ملتزمة بإقرار قانون مهنة التعليم في شهر مايو/ أيار المقبل، وهو ما نصت عليه مبادرة لجنة الوساطة العام الماضي، مشيراً إلى أن القانون مرّ بالقراءة الثانية في مجلس الوزراء، على أن تطبق علاوة أخرى بقيمة 5% ضمن القانون بداية العام المقبل.

وحول تمثيل المعلمين بشكل ديمقراطي، أكد عورتاني أن “هناك ديناميكية متسارعة لتنفيذ البند الخاص بذلك، من خلال تطوير بنية اتحاد المعملين ودمقرطته بالمضامين كافة، بما فيه النظام والعضوية والانتخابات خلال الأسابيع القادمة، حيث سينعقد المجلس المركزي للاتحاد لإقرار التعديلات في 21 مارس/ آذار الجاري”.

ويطالب المعلمون بصرف العلاوة المتفق عليها العام الماضي، وهي 15% بشكل فوري وكامل، لأن الاتفاق كما يقولون ربطها ببداية العام الجاري، ولأنها كانت أقل من مطالبهم التي رفعت في حينه، كما يطالبون بإنشاء نقابة تمثلهم بشكل ديمقراطي ووفق الانتخابات، ورفع حراك المعلمين سقف مطالبه إلى خمسة بعد تنفيذ وزارتي المالية والتربية والتعليم الخصم الفعلي من رواتب المعلمين المضربين الخميس الماضي.

والمطالب هي تشكيل نقابة ديمقراطية للمعلمين غير مشروطة الترشح والانتخاب، ومهننة التعليم بحيث يكون المعلم أصيلاً بوضع بنودها الإدارية والمالية، وإضافة الـ15% المتفق عليها على طبيعة العمل ودفعها دون تأجيل وبأثر رجعي، وربط الراتب بجدول غلاء المعيشة بالنسب الحقيقية الواقعية، وصرف الراتب كاملاً مع ضمان عدم المساس به مستقبلاً تحت أي ظرف، وجدولة المتأخرات ضمن سقف زمني محدد وواضح (يصرف بنسبة 80% تقريباً منذ أكثر من عام بسبب الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية).

وروى عدد من المعلمين صعوبات واجهوها على الطريق بسبب الحواجز الأمنية الفلسطينية؛ حيث يقول المعلم خالد عبيات إن الطريق من بيت لحم جنوب الضفة الغربية كانت شاقة، حيث اعترضته وزملاءه حواجز أمنية، مضيفاً: “لا نعلم لماذا، لم يكن لدينا أي ممنوعات أو شيء غير قانوني، سألونا إلى أين تذهبون؟ قلنا إلى رام الله. فقالوا: “ما في مجال”، واضطررنا لركن مركبتنا والإكمال بالمركبات العمومية ووصلنا متأخرين”.

واعتبر عبيات أن ما قامت به الحكومة من الخصم من رواتب المعلمين الخميس الماضي قد سكب الزيت على النار، وزاد من حدة الإضراب، قائلاً: “إن صرف العلاوة المتفق عليها هو حق للمعلم، وتمثيله بنقابة حق”.

ورفض عبيات اتهامات بأن حراك المعلمين واحتجاجاتهم مسيسة، قائلاً إنه فتحاوي وأسير محرر انخرط بحركة فتح، وهو من الداعمين للرئيس محمود عباس، لكنه يطالب بأبسط حقوقه، ومعتبراً أن أمين عام اتحاد المعلمين لا يمثل إلا نفسه، متسائلاً عن مشهد توقيع الاتفاق معه في مكتب رئيس الوزراء محمد اشتية، مطالباً بنقابة ديمقراطية.

وانطلقت مسيرة شارك فيها الآلاف من المعلمين بعد الاعتصام من أمام مجلس الوزراء إلى دوار المنارة وسط مدينة رام الله، تعبيراً عن رفض ما طرحته الحكومة ووزير التربية والتعليم، هتفت للمقاومة الفلسطينية في نابلس وجنين، وكذلك بهتاف يطالب بإنشاء نقابة للمعلمين.

المعلم محمد بريجية، والذي كان تحدث أمام عورتاني بأن الخصم من رواتب المعلمين لن يثنيهم عن المطالبة بحقوقهم، قال لـ”العربي الجديد” إن “المعلم لا يريد أوهاماً وتسويفاً”، في إشارة إلى وعود الحكومة وحديثها عن الالتزام بالاتفاق.

واعتبرت المعلمة ميسم عرار، أنه لا جديد في خطاب الحكومة، قائلة: “لا توجد تطورات، ونتأمل وضع حلول، ليست لدينا مشكلة بالعودة إلى الدوام والتعويض لطلابنا، لكن كيف أعود لطالبي وأعلمه وأنا لست قادرة على أخذ حقي؟”.

واعتبر أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، خلال مشاركته في الاعتصام مع المعلمين، أن السبيل لحل الأزمة الحالية سهل بالنظر إلى مطالب المعلمين المحقة، وأولها إعطاؤهم الحق في التمثيل الديمقراطي، مؤكداً أن “حل هذه القضية الجوهرية هو المفتاح لحل باقي القضايا”، مطالباً بتنفيذ الاتفاق المبرم العام الماضي، ومؤكداً أن على الحكومة إعادة ترتيب الموازنة، بحيث تخصص موارد أكثر للصحة والتعليم، لأن “الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ويحتاج لتعزيز صموده”.

يذكر أن الإضراب متواصل في المدارس الحكومية في الضفة الغربية منذ 5 فبراير/ شباط الماضي، بدعوة من حراك المعلمين الموحد 2022، للمطالبة بصرف راتب كامل وتنفيذ اتفاق أُبرم العام الماضي، بعد إضراب دام شهرين حينها.

وظهر مسمى حراك المعلمين الموحد في إضراب عام 2016، وعاد في العام الماضي معبراً عن أزمة متواصلة في تمثيل المعلمين نقابياً، بينما يعتبر اتحاد المعلمين إحدى المنظمات الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية، ويقول معلمون إن آلية الانتخاب والانتساب فيه لا تعطيهم تمثيلاً ديمقراطياً حقيقياً.

ووقعت الحكومة الفلسطينية خمس اتفاقيات الخميس الماضي، مع خمس نقابات، بينها اتحاد المعلمين، على صرف 5 بالمئة من العلاوات المتفق عليها للمعلمين والمهندسين والمهن الصحية، و10% للأطباء، على أن يجري توثيق باقي النسب على قسيمة الراتب وصرفها فور توفر الأموال، حيث تواصل حكومة الاحتلال الخصم من أموال الضرائب بما يماثل رواتب أهالي الشهداء والأسرى، لكن هذه الاتفاقات لم تؤد إلى وقف إضراب المعلمين.

العربي الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى