اخبار

الأورومتوسطي: الاحتلال يستخدم المدنيين دروعا بشرية في مجمع الشفاء ومحيطه

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوم السبت، عدة إفادات متطابقة بشأن تعمد استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي مدنيين فلسطينيين دروعًا بشرية رغمًا عنهم والزج بهم في ظروف شكلت خطرًا على حياتهم، لتأمين وحماية قواته وعملياته العسكرية داخل مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة وفي محيطه، المستمرة منذ فجر يوم الاثنين الماضي.

وأظهرت الإفادات بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدمت مدنيين من المرضى والنازحين داخل مجمع الشفاء الطبي كدروع بشرية واستغلتهم سواء لتحصين عملياتها العسكرية داخل المستشفى، أو لتشكيل ساتر خلف قواتها وآلياتها العسكرية، أو إرسالهم تحت التهديد إلى منازل وبنايات سكنية في محيط المجمع الطبي، للطلب من سكانها إخلاءها، وذلك قبيل تنفيذ جيش الاحتلال عمليات اقتحامها، واعتقال بعض من فيها، ومن ثم تدمير العديد منها.

وقال “خ.ف” (طلب عدم الكشف عن اسمه)، وهو فلسطيني نازح كان يتواجد في مجمع الشفاء الطبي، إن قوات الاحتلال أمرته وثلاثة شبان آخرين بالدخول إلى عدة غرف داخل مجمع الشفاء الطبي، بعد أن ثبتت كاميرات على رؤوسهم، وأجبرتهم على التحرك من خلال إصدار أوامر لهم عن بُعد باتجاه أماكن محددة لفحصها.

وأضاف أنه أجبر على التحرك بأوامر من جيش الاحتلال في مبنى الجراحة العامة داخل مجمع الشفاء الطبي عدة ساعات متواصلة، قبل أن يتم إخلاؤه بشكل قسري مع زوجته وطفلته، فيما لا يعرف شيئًا عن مصير الشبان الآخرين الذين استخدمهم الاحتلال دروعا بشرية في نفس الحادثة.

من جهته، قال المسن “م.ن” وهو في الستينات من عمره إن جيش الاحتلال أجبر نجله البكر بالدخول إلى أقبية مجمع الشفاء وأماكن الصرف الصحي، فيما شاهد معتقلين آخرين وُضعوا داخل مدرعات أثناء القتال، وآخرين تم إجبارهم على الوقوف خلف قوات الجيش وآلياته العسكرية المتمركزة على أطراف مداخل المجمع، لتحصينها ومنع أي استهداف لها.

فيما أفادت زوجة ممرض أجبرها جيش الاحتلال على إخلاء المجمع دونه باتجاه مدينة دير البلح وسط قطاع غزة لفريق الأورومتوسطي، أنها شاهدت استخدام قوات الاحتلال زوجها كدرع بشري من أجل فتح أبواب أقسام في مجمع الشفاء على مدار عدة ساعات متواصلة، مشيرة إلى أن مصير زوجها ما يزال مجهولًا، وتخشى من تعرضه للتصفية.

وفي ذات السياق، أفاد أفراد من عدة عائلات تقطن في محيط مجمع الشفاء إن جيش الاحتلال استخدم شبانًا تم اعتقالهم من داخل مجمع الشفاء في الدخول إلى منازلهم من أجل الطلب منهم بإخلائها فورًا والنزوح إلى وسط وجنوبي قطاع غزة.

وذكرت سيدة من عائلة “عرفات” لفريق الأورومتوسطي، إنهم تفاجئوا بدخول شاب في نهاية الثلاثينات من عمره تم تعريته من ملابسه باستثناء ملابسه الداخلية، وأخبرهم أن جيش الاحتلال أرسله لهم لإخلاء المنزل خلال 30 دقيقة وإلا سيتم قصفه فوق رؤوسهم، موضحة أنهم عند خروجهم من المنزل، تنفيذًا لطلب الإخلاء، شاهدوا عددًا من الشبان الفلسطينيين بنفس الحال، حيث أجبرتهم القوات على الدخول إلى المنازل المجاورة لتحذير سكانها.

وكان جيش الاحتلال اقتحم فجر يوم الاثنين الماضي مجمع الشفاء غربي مدينة غزة وسط إطلاق نار كثيف وتحليق لطائرات مسيرة، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى واعتقال مئات آخرين، فضلًا عن تدمير وحرق العشرات من المنازل السكنية المجاورة للمجمع بعد اقتحامها.

وبينما تلزم اتفاقية جنيف لعام 1949، السلطة القائمة بالاحتلال “إسرائيل” على ضرورة نقل المعتقلين إلى مناطق آمنة من مخاطر الحرب، فإن الشهادات التي جمعها المرصد الأورومتوسطي تؤكد أن الاحتلال أبقى وما يزال عددًا من المعتقلين من داخل مجمع الشفاء لأيام متواصلة في مناطق القتال، بغرض استخدامهم دروعا بشرية وجعل مواقع تجمع قواته وآلياته في مأمن من العمليات العسكرية.

وسبق أن وثق الأورومتوسطي استخدام جيش الاحتلال مدنيين فلسطينيين كالدروع البشرية ووضعهم على نحو متعمد في أماكن استراتيجية وأمام الأهداف العسكرية، بقصد محاولة منع مهاجمتها، ولتحصين قواته وعملياته العسكرية في قطاع غزة. حيث عمد جيش الاحتلال استخدام المدنيين الفلسطينيين لحماية نقاط تجمع وتحرك قواته أثناء الاقتحامات البرية وتنفيذ الهجمات العسكرية، وكذلك إجبارهم على السير أمام الآليات العسكرية لدى اقتحام منازل وبنايات يُعتقد أنها مفخخة. ووثق الأورومتوسطي حالات وصلت حد تفخيخ بعض المدنيين الفلسطينيين بكميات كبيرة من المتفجرات وربطها بحبل على خاصرتهم، مع وضع كاميرا على رأسهم، ثم إنزالهم داخل فتحات أنفاق، أو إجبارهم على الدخول إلى مواقع يعتقد الاحتلال أنها تستخدم لأغراض عسكرية.

وشدد الأورومتوسطي على الحظر المُطلق لاستخدام المدنيين كدروع بشرية خلال النزاعات المسلحة، باعتبارهم أشخاصًا محميين وفقًا للقانون الدولي الإنساني بقواعده العرفية والمكتوبة، بما في ذلك ما نصت عليه اتفاقيات جنيف وبروتوكولها الأول.

ويُعتبر استخدام المدنيين كدروع بشرية جريمة حرب تخضع لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية وفقًا لنظام روما الأساسي. ولذا، يجب تفعيل المساءلة القضائية الدولية لمرتكبي هذه الجرائم وتحقيق العدالة للضحايا.

ويبدي المرصد الأورومتوسطي قلقه العميق إزاء الوضع الجاري في مجمع الشفاء الطبي والمخاطر الماثلة أمام المدنيين، بمن في ذلك المرضى والعاملون الصحيون والنازحون بداخله، المحميون بموجب القانون الدولي الإنساني، واستخدام بعضهم كدروع بشرية، مؤكدًا على ضرورة حماية المنشآت الطبية والأشخاص المدنيين، وضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الدولية في وقف جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها جميع سكان قطاع غزة، والتحرك الفوري والجاد لوقف جميع جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي التي يرتكبها ضد المدنيين والأعيان المدنية المحمية بموجب القانون الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى