اخبار

56 عاماً مع طلال سلمان جدلية الألم والامل..معن بشور

كم شعرت مع اخواني عبد الله عبد الحميد، مأمون مكحل، يحيى المعلم ونحن متوجهون الى شمسطار للمشاركة في وداع الراحل الكبير طلال سلمان الى مثواه الأخير، بالحاجة الى استرجاع 56 عاماً من العلاقة التي قامت بيني وبين طلال سلمان منذ أن اتيت للعمل كنصف متفرغ في مجلة ” الحوادث” حيث كان أبو احمد مديراً لتحريرها بعد أشهر على نكسة الخامس من حزيران 1967.

من الأيام الأولى للعمل مع الأستاذ طلال سلمان وثلة من الأسماء الكبيرة  يتصدرها صاحب ” الحوادث ” المرحوم سليم اللوزي، وتضم الشهيد غسان كنفاني الذي كان يكتب باسم ربيع مطر، والروائية المميّزة غادة السمّان ، والصحافي القدير الراحل نشأت التغلبي، والاديب اللامع رياض شرارة ، والإعلامي القدير الدكتور فاروق الجمّال، ورسام الكاريكاتور الشهير نيازي جلول، والمصحح المناضل اليساري متري الهامس وكان يكتب باسم  سعيد أبو مراد، وغيرهم شعرت بعلاقة خاصة تربطني بطلال سلمان، علاقة فكرية وسياسية ونضالية ، ناهيك عن صداقة عميقة أخذت تنمو مع الأيام .

ربما كنا، وهو الصحافي الكبير، وانا الطالب  الجامعي، الأكثر تأثراً بهزيمة العرب  في الخامس من حزيران، لكن جمعنا الايمان أننا أبناء امة عصية على الانكسار، وأبناء قضية لا يمكن أن تموت، لذلك جمعنا من الاجتماع الأول الامل بالمستقبل، والانتماء لهوية حضارية جامعة، ولفلسطين البوصلة والقضية، وللثقة بقائد الأمة  التي تمسكت به  أمته رغم  الهزيمة جمال عبد الناصر،  وبدور للبنان حضاري في جذوره، منفتح في تطلعاته، مضيء في اشعاعه …
مع السنين التي جمعتنا، كل في موقعه، بدأت تتضح لي ملامح طلال سلمان، الكاملة، كقلم لا يجارى في تدفقه، وكالتزام لا يضعف امام التحديات .كما امام المغريات ، وكلبناني  تتكامل فيه وطنيته مع عروبته، وكعروبي يشعرك في كل لحظة انه طائر يحمل أوجاع أمته من المحيط الى الخليج…
في كل الامتحانات التي واجهها طلال سلمان كان يخرج مرفوع الرأس، منتصراً على المصاعب، مستخفاً بالاغراءات، متمسكاً بمبادئه حتى يمكن ان يقال ان سر نجاح طلال الشخص ,والمؤسسة, والصحيفة, لم يكن فقط في براعته المهنية، وفي كفاءته الإعلامية، وفي قدراته التحليلية، أو في شجاعته السياسية، بل كان ايضا  وبشكل خاص بسبب تمسكه بمبادئه التي ما هان لحظة فيها أو لان ،رغم الأهوال التي مرّ بها، كانسان  وكسيرة مهنية متألقة
لا شك أن كتباً يمكن ان تكتب في طلال سلمان الصديق  الرفيق والمناضل والكاتب والمفكر بل في أكثر من نصف قرن من العلاقة  الحميمة معه، لكن اجمل ما في ابي احمد تلك الابتسامة الخجولة التي تطبع محياه وتخفي ألماً دفيناً في داخله، بل الابتسامة التي هي خير معبّر عن جدل الألم والأمل في كبير من بلادي.
كاتب لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى