اخبار

الانضمام إلى تكتل البريكس يعكس فعالية الاستراتيجية السعودية الخارجية !


د. عبدالمجيد الجلاَّل
تكتل بريكس ، يضم أكبر الاقتصاديات الناشئة في العالم ، وقد تشكَّل عام 2009، وهو مؤلف أساساً ، من دولٍ مُحدّدة ، هي البرازيل ، وروسيا ، والهند ، والصين، وجنوب أفريقيا !
وفي تطورٍ لافتٍ ، قرر تكتل بريكس ، في القمة التي جمعت قادة دوله ، في جوهانسبورغ ، عاصمة جنوب أفريقيا ، فتح المجال لتوسيع أعضاء التكتل ، وقد وقع الاختيار ، في هذه المرحلة ، على الأقل ، على ستة دولٍ فقط ، وافقت القمة على انضمامها ، وهي تحديداً ، المملكة العربية السعودية ، والإمارات العربية المُتحدة ، ومصر ، وإيران ، والأرجنتين ، وأثيوبيا ، ومن المقرر أن تنظّم رسمياً إلى التكتل ، اعتباراً من الأول من شهر يناير 2024 !
وكانت نحو 25 دولة قد تقدمت بالأساس ، لطلب الانضمام إلى كتلة بريكس ، ولكن ، ولأسبابٍ غير مفهومة ، لم يتم قبول سوى الدول الستة المُشار إليها أعلاه!
بالمناسبة ، كان موضوع توسيع تكتل بريكس ، على رأس جدول أعمال قمة جوهانسبورغ ، وكانت هناك انقسامات بين أعضاء التكتل ، حول معايير قبول أعضاء جدد ، وتغلبتْ في نهاية الأمر ، وجهتا النظر الصينية والروسية ، لجهة القبول بالأعضاء الستة الجدد ، على أمل أن يكون التكتل ، في ثوبه الجديد ، منافساً قوياً لنفوذ وقوة الغرب !
بهذا الشأن ، قالت جنوب أفريقيا ، إن تحالف بريكس ، بعد توسيعه ، سوف يصبح بريكس بلس ، وسيكون هدفه ، تعزيز التعددية ، والتعاون في العالم !
على كل حالٍ ، جاءت قمة جوهانسبورغ ، في خِضم توترات عالمية مُتصاعدة ، بسبب الحرب في أوكرانيا ، والتنافس الحاد المتنامي بين الصين والولايات المتحدة، ومن ثمَّ ، فقد اهتمت القمة ، بتوسيع التكتل ، وتقويته ، ووضع حدٍ ، للانقسامات الداخلية ، وانعدام الرؤية المتماسكة لدى أعضائه !
كما جاءت قمة جوهانسبورغ ، تحت شعار بريكس وأفريقيا ، تحت عنوان شراكة من أجل النمو المتسارع ، والتنمية المستدامة ، والتعددية الشاملة ، وقال الرئيس الصيني ، بأنَّ القمة المقبلة ، ستكون منعطفاً مهماً في تطوير آلية عمل بريكس !
من أبرز أهداف تكتل بريكس ، تقوية الاقتصادات الناشئة ، لمواجهة هيمنة القوى الغربية ، والتصدي لمؤسساته الاقتصادية والمالية ، وصولاً إلى تعزيز ديناميكية النظام العالمي ، بالتعددية القطبية ، والعمل على تقليص اعتماد النظام المصرفي والتجاري العالمي ، على الدولار الأمريكي ، في التعاملات والتبادل التجاري بين الدول الأعضاء !
لذلك ، تمَّ تأسيس بنك التنمية الجديد عام 2015 ، في شانغهاي الصينية، برأس مال يُقدر بنحو 50 مليار دولار ، والعمل على تعزيزه ، ليصل إلى 100 مليار دولار ، ويأمل التكتل ، أن يكون هذا البنك ، بديلاً عن البنك الدولي ، وليكون مصدر مهم ، لتمويل المشروعات التنموية ، في الاقتصاديات الناشئة ، والدول النامية !
في هذا السياق ، ترى الدول الأعضاء ، أنَّ عملة بريكس التي لا تزال تحت التطوير ، سوف تسمح لدول التكتل ، بفرض سيادتها الاقتصادية والنقدية أمام الدولار ، وكذلك ، بتقليل اعتماد اقتصادات العالم ، على نظام الدولار المهيمن ، وبهذا الشأن ، قال نائب رئيس مجلس الدوما الروسي، أنَّ روسيا تعمل الآن ، على تطوير عملة جديدة ، سيتم استخدامها ، للتجارة عبر الحدود من قبل دول البريكس !
في المُحصلة النهائية ، توسعة العضوية في تكتل البريكس ، بزيادة عدد الدول الأعضاء من 5 إلى 11 بدءاً من مطلع عام 2024 ، سيؤدي إلى سيطرة دول بريكس على 30٪ من إجمالي الناتج العالمي ، أي نحو 30 تريليون دولار، وعلى 80٪ من انتاج النفط العالمي ، وبقدرة إنتاجية تصل إلى 73٪ من انتاج النفط في العالم !
صحيحٌ ، هناك صعوبات اقتصادية ومالية تواجه بعض دول البريكس ، فالصين تعاني من مشكلة تباطؤ النمو الاقتصادي ، وروسيا تخضع لعقوبات غربية ، بسبب غزوها لأوكرانيا ، أنهكت الاقتصاد الروسي ، كما أنَّ الهند والصين لديهما نزاع قديم ، على طول الحدود المتنازع عليها ، ومن ثمَّ فإنَّ توسيع تكتل بريكس ، خاصة ، انضمام المملكة العربية السعودية إليه ، سوف يزيد من قوة تكتل البريكس ، وفعاليته ، في قادم الأيام !
خلاصة القول ، من السابق لأوانه ، الحديث عن تراجع نفوذ الغرب ، ولكن ، لا شكَّ أنَّ توسعة تكتل البريكس ، سوف يُسهم في تسجيل المزيد من النقاط الإيجابية ، لتعزيز أدواره العالمية ، وربما المُساعدة في ترسيخ نظام عالمي متعدد الأقطاب !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى