اخبار الإمارات

قضية احتيال تكشف حجم خداع شركات التداول السريع

ت + ت الحجم الطبيعي

إنها مسألة خطيرة، إن ثبتت صحتها، فقد عملت مجموعة من المتداولين في وول ستريت، عن عمد، على خفض سعر أسهم شركة ماريلاند بايوتك، صاحبة مشروع واعد لتوفير لقاح جديد لسرطان الدماغ، سعياً منهم وراء أرباح هامشية، يمكن تحقيقها من خلال شراء الأسهم بأسعار رخيصة، ومن ثم بيعها مرة أخرى إلى السوق. ذلك على الأقل هو ادعاء شركة نورث ويست بايوثيرابيوتكس، في دعوى رفعتها ضد سبع من شركات تداول في الأسهم، بما في ذلك شركة فيرتيو وسيتدال سيكيورتي، المملوكة لكين غريفين، في أواخر عام 2022.

وتم اتهام شركات الوساطة ب‍ «التلاعب المتكرر»، من خلال استخدام منصاتها للتداول لإصدار عشرات الملايين من الطلبات، لبيع أسهم شركة نورث ويست بيوثرابيوتكس، ولم تكن تنوي تنفيذ هذه الطلبات. وأثرت هذه الطلبات بالسلب في السوق، حسبما قالت الشكوى المزعومة، ما دفع مستثمرين آخرين إلى التخلي عن الأسهم، وبالتالي، أدى ذلك إلى تقييم سلبي لشركة نورثويست، رغم أن تجربة سريرية للعقار، أسفرت عن نتائج باهرة.

وكما هو متوقع، أثارت هذه الادعاءات حالة من الجنون بين مستخدمي ريديت المحبين لنظرية المؤامرة، بما في ذلك هؤلاء الذين ضخوا كميات كبيرة من أسهم الميم، مثل «جيم ستوب». وكانت حجتهم لشهور عدة، أن صناديق التحوط تريد تدمير هذه الشركة، مع تجنب ذكر أي أسباب أو عوامل يمكن أن تكون صرفت المستثمرين عن الشراء، من ضمنها دراسة تشكك في تصميم التجربة السريرية، وتقرير سلبي عن نتائجها. كما أن شركة نورث ويست كانت غارقة أيضاً في مشاكل إدارية، ولذلك لجأت إلى تسوية مع لجنة الأوراق المالية والبورصات، بشأن الإخفاقات في الرقابة على التقارير المالية.

والشهر الماضي، رفضت محكمة في مانهاتن، ادعاءات الشركة ومشجعيها على منصة ريديت، ووافقت المحكمة على طلب سيتدال ووسطاء آخرين برفض القضية. لكن كان ثمة شيء غير متوقع، فقد أوصى القاضي غاري ستاين في تقريره، برفض الادعاءات، مشيراً إلى أنه في حين لم تقم الشركة بعد بما يكفي لربط التداولات المعنية بالخسائر المتكبدة بسبب بيع أسهم الشركة بأسعار منخفضة بصورة مصطنعة في تواريخ محددة، فإن جميع المطالبات الأخرى تقريباً التي قدمتها الشركة كانت معقولة ظاهرياً، بما يكفي للسماح لها بالمضي قدماً.

وكتب ستاين أن «محاولة تمييز سيتدال سيكيورتي ووسطاء آخرون بين الطلبات الملغاة أو المقتصرة على تخفيض الحجم غير مقنعة»، وأيضاً استنتج أنه في هذه المرحلة من التقاضي، لا يهم ما إذا كانوا ينفذون أوامر نيابة عن العملاء، لأنهم مارسوا السيطرة على الخوارزميات التجارية للتداول السريع وراء المضاربات.

ووجد كذلك أنه عندما ينظر إلى المدعي في ضوء أفضل ما يكون، تؤيد الادعاءات سلوك المدعى عليهم بالتأثير في سعر أسهم الشركة، وهذا مسار يبدو أنه كان مقدراً له أن يشق طريقه إلى لوحة رسائل وول ستريت بتس على منصة ريديت. كما وصف ستاين الدعوي بأنها «منطقية ومقنعة».

وجاء هذا التقرير المثير، في أعقاب قرار آخر في نفس المحكمة في نيويورك، في قضية مدنية رفعها صندوق هارنغتون للتحوط، القائم فى برمودا، ضد بنك أوف أمريكا ميريل لينش، وتي دي للاستثمار وسى آي بى سى. وتلك الدعوى التي أشار إليها ستاين نجت من طلب رفض، ومن المقرر حالياً أن تذهب إلى المحاكمة في وقت مبكر من هذا العام.

وتعتزم شركة نورث ويست نورث ويست بايوثيرابيوتكس، إعادة تقديم شكواها في غضون أيام. وفي هذه المرة، إذا وجد أحد القضاة أن أوجه القصور في القضية قد جرت معالجتها، فإن ذلك يمكن أن يمهد الطريق لما يسمى بعملية الاكتشاف التي ستضطر فيها شركة سيتدال وشركاؤها المدعى عليهم، إلى تسليم السجلات الداخلية والاتصالات ذات الصلة. وسيراقب عن كثب منتقدو شركات التداول السريع المشهورة، الذين يزعمون أن لها تأثيراً خبيثاً وضاراً على الأسواق العالمية.

من جانبها، صنفت شركة سيتدال القضية بأنها دعوى تزيف بشكل صارخ كيف يعمل السوق، في محاولة لإضعاف كبار مقدمي السيولة في العالم، ولا يعني ما حدث أن نورث ويست أو هارنغتون، أصبحتا بالضرورة أقرب إلى إثبات ادعاءاتهما.

وحتى تاريخه، لم تفز أي قضية احتيال خارج إطار القضايا التي رفعها المدعون العامون أو الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة، غير أن الموقف المعتاد الذي اعتمده صناع السوق قد هُزم الآن بشكل فعال، حيث يزعمون أن ادعاءات التلاعب بالسوق غير قابلة للتصديق، بينما يرفضون الكشف عن التعقيدات الحساسة تجارياً وراء منصاتهم ذات التكنولوجيا العالية.

وكتب ستاين ما مفاده أن فشل المدعى في تحديد الخوارزميات المستخدمة في البرامج التجارية الخاصة بالمدعي عليهم، لا يشكل عائقا أمام القضية.

وأضاف قائلاً: «من الصعب تصور كيف يمكن لأي قضية تحايل أن تنجو من طلب رفض الدعوى، إذا كان المطلوب هو أن تُدرج في الشكوى وقائع تقع حصراً ضمن علم المدعى عليه».

بعبارة أخرى، إذا كانت سيتدال للأوراق المالية ومثيلاتها ستتغلب على هذه القضية، وتمنع سلسلة من الدعاوى المماثلة، فمن المحتمل أنها ستضطر إلى أن تتيح لنا إلقاء نظرة على ما يدور خلف الستار.

تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى