اخبار الإمارات

هل الاقتصاد المزدهر يجعلك أسرع حقاً؟

ت + ت الحجم الطبيعي

يجذب «بارك رن»، وهو سباق مجاني للركض لمسافة 5 كيلومترات، يحظى بشعبية في بريطانيا، فئات متنوعة من الناس. بعضهم آباء يرددون أناشيد الحضانة، فيما يدفعون عربات أطفالهم الراكضة. البعض الآخر مشاة يكملون السباق بعدي لكن تبقى كرامتهم محفوظة. وثمة عدائين يرتدون قمصاناً تحمل عبارة «ماد بروت رن 2017». وهناك أنا، من يمعن التفكير في الاقتصاد.

غالباً ما تكون ممارسة الرياضة دأب الأثرياء، ولكن الجري يستهدف الأكثر ثراءً بكثير. ومن خلال الربط بين استطلاع الحياة النشطة وبيانات مكتب الإحصاء الوطني، يبدو أن قرابة نصف العدائين المنتظمين في إنجلترا، ينتمون إلى وظائف قيادية وإدارية ومهنية، أي أعلى شريحة اجتماعية واقتصادية. وهذا مقارنة باثنين من كل خمسة مشاة، وواحد من كل ثلاثة من لاعبي كرة القدم أو الدراجين.

ويعدّ الركض وسيلة فعالة نسبياً لحرق السعرات الحرارية، ومن السهل متابعة الأداء. ويبدو قرار رئيس تنفيذي ما بإدراجه ضمن روتينه بين الاستيقاظ في الساعة 4 صباحاً، وحمية عصير الجزر في الساعة 5 صباحاً، منطقياً إلى حد ما.

وعموماً، فإن الأشخاص ذوي المكانة الاجتماعية والاقتصادية الأعلى، أكثر ميلاً للنظر إلى ممارسة الرياضة كوسيلة لتحدي أنفسهم. بينما الأشخاص الأقل ثراءً أكثر عرضة للوقوف على أقدامهم خلال العمل، ما يستنزف طاقتهم للقيام بأنشطة أخرى.

ومع مرور الوقت، يصبح البريطانيون أقل ميلاً يوماً بعد يوم إلى ممارسة رياضة الجري أو الأنشطة الرياضية الأخرى. (وغيّر الوباء مجرى هذا الاتجاه لفترة مؤقتة فقط). ويبدو أن التراجع أكثر تطرفاً بين الطلاب والأضعف بين أنواع المديرين، ما يؤدي إلى انحراف الرياضة تجاه الأكبر سناً والأكثر ثراءً.

ومن المفترض أن يُنهي بارك رن هذا الاتجاه، بعد أن تلقى تمويلاً من الحكومة لتعزيز المشاركة في الألعاب الرياضية. كما يشعر المنظمون بالارتياح، لأن المشاركين الجدد كانوا أبطأ، حيث ارتفع متوسط وقت انتهاء السباقات من 22 دقيقة و17 ثانية في عام 2005، إلى أكثر من 32 دقيقة في عام 2023.

(على الرغم من أن كيري بابس من جامعة برادفورد يشير إلى أن الجائحة ربما أبعدت بعض العدائين الأبطأ، وقلل من مستوى اللياقة البدنية لمن تجاوزا 25 عاماً).

بالإضافة إلى ذلك، ساهم جمع البيانات المستفيضة التي أجرتها بارك رن عن العدائين في توفير مادة غنية للبحث. فقد ساعدت إحدى الدراسات على اكتشاف، على سبيل المثال، أن عدم تكافؤ فرص الوصول إلى الأماكن المخصصة للركض، ليس السبب الوحيد في عدم المساواة في المشاركة. وتم إطلاق فعاليات بارك رن الجديدة في المناطق المحرومة بين عامي 2020 و2019. ولكن منذ عام 2013، ظلت الفجوة في المشاركة بين المناطق الأقل والأكثر حرماناً ثابتة.

وتقوم ورقة بحثية أخرى بتجميع سجلات فردية لما يقرب من مليوني عداء في بارك رن، معظمها في العقد الأول من القرن الـ 21، وتدرس التغييرات الحاصلة داخلها لتحديد ما إذا كانت زيادة معدلات التوظيف المحلية مرتبطة بزيادة سرعة الأشخاص.

من الناحية النظرية، يمكن أن يرفع الاقتصاد المزدهر دخل الأشخاص، ما يجعل من السهل تحمل تكاليف الطعام الصحي أو عضوية النادي الرياضي، التي تسهم في تحسين اللياقة البدنية. إلا أنه لا يترك وقتاً للمدمنين على العمل لممارسة التمارين الرياضية أو طهي وجبات صحية، كما يزيد من تلوث الهواء، ما يجعل العدائين أبطأ.

من خلال الجمع بين كافة العدائين في بارك رن معاً، يتم القضاء على هذه التأثيرات المختلفة. وبشكل عام، لا توجد صلة واضحة بين معدلات التوظيف وأوقات الناس. ولكن عند التقسيم حسب الفئة العمرية، يظهر نمط واحد. ويبدو أنه عند انكماش الاقتصاد، يصبح الشباب أبطأ، بينما يصبح كبار السن أسرع. (وللتوضيح، فإن البطء الذي أصابني في وقت سابق من هذا العام، لم يكن بسبب ضعف اقتصاد لندن، ولكن بسبب تناول وجبة الإفطار في التوقيت الخطأ).

وثمّة شيء غريب بعض الشيء في النتائج. فمن المفترض أن يكون الاقتصاد المزدهر مرتبطاً بزيادة سرعة الأصغر سناً، ولكن لا يزيد من احتمالية مشاركتهم للجري. (يتم قياس ذلك من خلال ربط احتمال حضور شخص ما للأسبوع الثاني على التوالي، في ظل الظروف الاقتصادية المحلية). وكشفت دراسة أجريت على الإيطاليين، أن تأثير البطالة على فرص الأشخاص الذي يمارسون أي نشاط بدني ضئيل جداً.

وبالرغم من الجهود المضنية، لم يتمكن الباحثون من استبعاد جميع مصادر التحيز. إذا كانت عينة عدائي المتنزهات لا تمثل إلى حد كبير المنطقة المحلية، فسيكون ربط أوقاتهم بالتغيرات في معدلات التوظيف المحلية مشكوكاً فيها.

وتشير الفرضية المفضلة للمؤلفين، إلى أن مدة سباق بارك رن تعكس اللياقة البدنية الفطرية، والتي تتأثر بما يفعله الأشخاص خلال أسبوع عملهم. وربما يكون العمل بالنسبة للشباب بمثابة تعزيز للياقتهم البدنية، بينما لكبار سن من المرجح أن يكون نشاطاً غير حركي.

هناك الكثير مما يجب التفكير فيه أثناء تسلقي هذا التل الصعب للمرة الخامسة. وربما في المرة القادمة التي أشارك فيها، يمكنني حتى مشاركة بعض هذه الأفكار السخيفة. قد يمنح ذلك العدائين الآخرين شيئاً، وهم يحاولون اجتياز السباق.

تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى