اخبار الإمارات

من يدفع مقابل تطوير شبكات الكهرباء الأوروبية؟

ت + ت الحجم الطبيعي

ينقسم وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي إلى معسكرين، من يؤمنون بالطاقة النووية (فرنسا، التشيك، وآخرين)، ومن يؤمنون بأن الطاقة المتجددة يجب أن يكون لها الأولوية (من بينهم ألمانيا والنمسا واليونان). لكن هناك شيئاً واحداً يوحدهم سوياً، وهو تفاهم على أنه دون استثمارات هائلة في شبكات الكهرباء الأوروبية، فلن يكون أي من هذين المصدرين قادر على أن يحل محل الوقود الأحفوري.

وقال إيمون ريان، وزير المناخ والطاقة الإيرلندي لـ «فايننشال تايمز» على هامش اجتماع لوزراء طاقة الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي: «لن يكون هناك انتقال دون عدوى»، وتابع: «أنت تعلم أنها عبارة مبتذلة، لكنها حقيقية».

ويتوقع ازدياد استهلاك الكهرباء في الاتحاد الأوروبي بنحو 60% حتى العام 2030، وفق بيانات المفوضية الأوروبية، وستكون هذه الزيادة مدفوعة بأهداف الكتلة الطموحة في إزالة الكربون، التي تتضمن خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 55%، وزيادة الطاقة المتجددة بنسبة 42.5% بنهاية العقد الحالي. إلا أن 11 مليون كيلومتر من شبكات الطاقة التي ستنقل كل هذه الكهرباء غير مستعدة لهذه الزيادة.

وحذر اتحاد صناعة الكهرباء «يوريليكتريك»، من أن أكثر من نصف شبكات التوزيع الأوروبية ربما يبلغ عمرها أكثر من 40 عاماً بحلول 2030، ما يجعلها قريبة من نهاية عمرها الافتراضي. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن ترخيص وبناء شبكات جديدة قد يستغرق ما بين 5 و15 عاماً، أي أكثر من ضعف المدة التي يستغرقها بناء مصادر الطاقة المتجددة. ومع انحسار أزمة الغاز التي واجهت الاتحاد الأوروبي، تحول الاهتمام إلى مسألة تعزيز شبكات نقل وتوزيع الطاقة في التكتل، وكم تبلغ التكلفة.

وأشارت المفوضية الأوروبية في خطة العمل من أجل شبكات الكهرباء التي نشرتها في نوفمبر الماضي، إلى مجموعة قضايا مختلفة تحتاج إلى معالجة، مثل تسريع الجداول الزمنية لإصدار التصريحات، وتقوية سلاسل توريد المكونات مثل الكابلات، والعثور على استثمارات بقيمة 584 مليار يورو لدفع هذه التكاليف. لكن من أين سيأتي المال وسط الاحتياجات المتضاربة لموازنات حكومات الاتحاد الأوروبي؟.

وقال ريان، إنه يجب جمع المال من القطاع الخاص، لكن هذا يعني جعل شبكات الكهرباء أكثر جاذبية للمستثمرين، لأنها أصلاً غير جذابة نسبياً ويتم تمويلها عادة من خلال تعريفات الشبكة المفروضة على المستهلكين المحليين. لكن غالباً ما تكون عمليات الربط الكهربي الكبيرة مشروعات عابرة للحدود، ما يعقد المسألة.

وقال ريان: «لنأخذ الدنمارك مثالاً على ذلك، يمكن لمصادر الطاقة المتجددة لديهم تلبية جميع احتياجاتهم من الطاقة، لذا إن كانوا يبنون روابط جديدة، أو مصادر جديدة للطاقة المتجددة، فيجب عليهم القيام بذلك لأنها فرصة للتصدير».

وأضاف أن البلدان المتلقية للكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة يجب عليها لعب دور هي أيضاً في دفع تكاليف الربط الكهربي مقدماً، لافتاً إلى أن حساب كيفية التشارك في هذا سيكون «تحدياً حقيقياً».

وتعمل بروكسل مع بنك الاستثمار الأوروبي والرابطة الأوروبية لمشغلي أنظمة نقل الكهرباء، على التوصل إلى سبل لإزالة مخاطر التمويل وخلق أدوات دين طويلة الأجل تكافئ المستوى الهائل من الاستثمارات المطلوبة.

وبالنظر إلى أن المشروعات من شأنها توليد عوائد مستقرة بمرور الوقت، فربما تكون احتمالاً مثالياً للمستثمرين على المدى الطويل مثل صناديق المعاشات التقاعدية، وهي مصدر مُحتمل آخر لرأس المال ينظر المسؤولون في استغلاله.

صرح مسؤولون، بأن المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء والمشغلين، سيناقشون هذه الخطط 25 مارس، مع احتمالية إعلان مُقترحات عن كيفية توزيع الاستثمارات في شبكة الكهرباء بحلول يونيو المقبل.

وفي الوقت ذاته، تبدأ الدول الأعضاء في بناء مشروعاتها الخاصة. وأعلنت الوكالة الألمانية للشبكات، خطة لتوسعة كبيرة للشبكة في بداية الشهر الجاري، وتهدف إلى ربط الإمكانات الهائلة لطاقة الرياح في بحر الشمال بجنوب وشرق البلاد، وستتكلف 110 مليارات يورو.

ويرى هينينج جلويستين، مدير الطاقة والمناخ والموارد لدى «يوراسيا جروب»، أن هذا الاستثمار يستحق العناء، وأنه يحمل في طياته القدرة على تعزيز تنافسية التكتل.

وقال: «أوروبا جيدة في الشبكات، وربما يكون لديها الشبكة الأكثر تطوراً على مستوى العالم»، وأضاف: «إذا أُنجز الأمر كما ينبغي، فستتمتع أوروبا بميزة صناعية وتنافسية بنهاية العقد الحالي».

ومع ذلك، فقد لفت إلى أن الأمر لن يحدث إلا إذا أدرك السياسيون الأمر كما يجب.

تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى