ت + ت الحجم الطبيعي
أكد خبراء ومحللو أسواق مال أن سوق دبي المالي يواصل تحقيق الأرقام القياسية من حيث نسب الارتفاعات الإجمالية، معربين عن ثقتهم بأنه قادر على المحافظة على هذا الأداء حتى نهاية العام الجاري.
وقالوا لـ«البيان» إن السوق حقق أداءً تاريخياً متميزاً ونمواً مستمراً ومستداماً، من خلال تسجيل أرقام قياسية شهراً تلو الآخر منذ مطلع العام الجاري، في وقت شهدت فيه الاكتتابات الأولية بدبي طلباً استثنائياً في العامين الأخيرين، مع ارتفاع أرباح وتوزيعات الشركات ونشاط اقتصاد الإمارة وتوافد المستثمرين من مختلف أنحاء العالم.
وتوقع الخبراء مواصلة السوق تحقيق قفزات سعرية خلال الفترة المقبلة، بفضل عوامل عديدة تتفرد بها الإمارة.
وحقق سوق دبي المالي أفضل أداء منذ مطلع 2023 على مستوى بورصات دول مجلس التعاون الخليجي والعربية، مدعوماً بمكاسب قوية للأسهم المُدرجة، وزيادة الطلب من جانب المستثمرين الدوليين، إضافة إلى الإدراجات الجديدة.
وأظهر رصد «البيان» صعود مؤشر السوق بـ 22.9 % منذ مطلع العام الجاري حتى جلسة الجمعة الماضي.
مكاسب قوية
وأرجع نائب رئيس قسم البحوث في شركة «كامكو إنفست»، رائد دياب، الارتفاع القياسي لمؤشر سوق دبي المالي الذي بلغ 22.9 % منذ مطلع 2023 إلى مكاسب قوية للأسهم ذات رأس المال الكبير في السوق. وقال: «أظهرت معظم القطاعات مكاسب صحية خلال هذه الفترة، ومن بين أكبر 20 شركة في البورصة من حيث القيمة السوقية، حيث أظهرت جميع الأسهم تقريباً مكاسب مضاعفة».
وتابع: «تعكس المكاسب أساسيات قوية، وأظهرت البيانات المالية التي أعلنتها الشركات المدرجة في البورصة نمواً في صافي الأرباح بأكثر من 36 % على أساس سنوي خلال النصف الأول من 2023. وتعكس هذه المكاسب أيضاً ازدهار الاقتصاد غير المعتمد على النفط، الذي يجذب تدفقات متزايدة من رأس المال الأجنبي في العديد من القطاعات، بما في ذلك القطاع العقاري الأكثر أهمية، حيث شهد القطاع نشاطاً صحياً على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة».
وأضاف: «تركزت المكاسب حول الأسهم المدرجة حديثاً؛ ما يشير إلى إمكانات قوية لأعمالها في المستقبل. إضافة إلى ذلك، كشفت الحكومة عن عدد من الإصلاحات والخطط الخاصة بسوق رأس المال المقرر تنفيذها على المدى القريب، ونعتقد أن هذه العوامل من شأنها أن تدعم السوق على المدى القريب».
وتوقع دياب أن تحقق القطاعات البارزة مثل العقارات مكاسب مع التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة العام المقبل، بينما من المتوقع أن يظهر القطاع المصرفي أرباحاً قياسية مدعومة بارتفاع أسعار الفائدة.
أداء تاريخي
من جانبه، قال المحلل المالي حسام الحسيني إن السوق ما زال مؤهلاً فوق العادة للحفاظ على مكاسبه السابقة، والسبب الرئيس في ذلك هو الأداء الإيجابي والقوي والتاريخي للأسهم القيادية، ولا سيما بنك الإمارات دبي الوطني وإعمار العقارية؛ إذ يأتي أداؤهما مدعوماً بأساسيات قوية للأعمال وهوامش الربحية، والعامل الإضافي هو الأداء القوي للأسهم حديثة الإدراج، لا سيما الحكومية منها.
وأوضح أن الأمر الذي يدعم احتمالية المحافظة على الأداء الإيجابي الأخير للسوق هو غياب المضاربات، بمعنى أن طريقة ارتفاع السوق والأسهم المذكورة جاء بطريقة صحية وبعيداً عن المضاربات، وبالتالي لا أعتقد بوجود عوامل محلية خاصة بالسوق أو الشركات قد تؤدي إلى أية تراجعات أو عمليات تسييل قوية.
وأضاف: القطاع البنكي ما زال ضمن التوقعات الإيجابية للفترة المقبلة، وفي القطاع العقاري الارتفاع الأخير في هوامش الربحية من شأنه أن يظل الداعم الأساسي لربحية الشركات في هذا القطاع.
تصدر عالمياً
من جهته، قال فيجاي فاليشا، رئيس قسم الاستثمار في «سنشري فاينانشال»: إن المؤشر العام لسوق دبي المالي ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ 8 سنوات بعد أن تجاوز مستوى 4100 نقطة، أخيراً، مواصلاً مكاسبه منذ مطلع العام الجاري إلى نحو 22.9 %، وبذلك تفوق سوق دبي على مؤشر «ستاندرد آند بورز»، الذي ارتفع بنسبة تقريبية قدرها 16.03 % حتى الآن.
وأكد أن الانتعاش العقاري في الإمارة، إضافة إلى قوتها الاقتصادية، هما المسؤولان بشكل كبير عن هذا الإنجاز الرائع.
وأضاف: «جذب سوق دبي 25699 مستثمراً جديداً في النصف الأول 2023، منهم 74 % من المستثمرين الأجانب، وتجاوزت القيمة السوقية للمؤشر حتى الآن حاجز 690 مليار درهم».
وتابع: «ساعد في ذلك إصلاحات الاقتصاد في المنطقة، وعلى وجه الخصوص خفض الرسوم المستحقة على المشتريات الأجنبية، والسماح للأجانب بامتلاك حصة بـ100 % في الشركات المدرجة في الإمارات».
وأوضح أن سوق دبي قدم أداءً مالياً استثنائياً في النصف الأول 2023، وارتفعت الإيرادات بـ 31 % مقارنة بالعام السابق لتصل إلى 215.2 مليون درهم، وقاد قطاعا الخدمات العامة والصناعة الارتفاع في السوق.
وتوقع فيجاي فاليشا أن يستمر زخم نمو بورصة دبي طوال النصف الثاني 2023 وما بعده بفضل اقتصادها المتين وسياساتها المرنة للأعمال، علاوة على ذلك، تعمل مبادرات التنويع الاقتصادي في الإمارات على تقليل اعتماد المنطقة على إيرادات النفط والغاز، وتسهم في تطوير قطاعات أخرى، مثل الطاقة المتجددة والسياحة، مع تمكين الابتكارات التكنولوجية المستقبلية، وقد أدى ذلك إلى تعزيز جاذبية المنطقة بوصفها مركزاً إقليمياً وعالمياً للأعمال والتجارة والتكنولوجيا.
ولفت إلى أن حكومة دبي تقوم بتنفيذ إجراءات لزيادة جاذبية سوق دبي داخل الإمارات وخارجها، حيث يتم بذل جهود لتحسين البنية التحتية التجارية في دبي من خلال إدخال منصات ومنتجات وخدمات جديدة، فضلاً عن أن اندماج الإمارات مع الاقتصاد العالمي يمهد الطريق أمام النمو المستدام من خلال تعزيز تنويع القطاعات والقدرة التنافسية العامة.
وتوقع أن تدعم الأنشطة العامة للاكتتاب في الأسهم النمو المستقبلي لسوق دبي على مدى الأرباع المقبلة، وهذا واضح من خلال قائمة الإدراجات الجديدة، مثل الأنصاري وديوا وسالك وتعاونية الاتحاد، إذ أسهمت بشكل كبير في زخم السوق هذا العام.
انتعاش اقتصادي
في السياق نفسه، أكد هاني أبوعاقلة، كبير محللي الأسواق في «XTB MENA»، أن سوق دبي المالي واصل الأداء القوي مع استمرار الاقتصاد المحلي في الازدهار، وانتعاش اقتصاد دبي بقوة منذ فترة الجائحة، واستمر في النمو هذا العام؛ ما دعم سوق الأسهم المحلي.
وقال أبوعاقلة: «تساعد المبادرات الاقتصادية المحلية في تقوية هذه الدفعة الإيجابية. إضافة إلى ذلك يمكن أن تغذي اكتتابات عامة أولية جديدة طلب المستثمرين المحليين والدوليين على الأسهم المحلية».
وتوقع أن يدعم الاقتصاد المحلي القوي القطاع المصرفي، الذي لا يزال يشهد نمواً في أحجام القروض ويحقق نتائج قوية، مع استمرار أسعار الفائدة المرتفعة في تعزيز أرباح البنوك، كما توقع أن يشهد القطاع العقاري أيضاً إمكانات قوية بفضل ارتفاع الطلب على الوحدات السكنية والمكاتب في الإمارة، حيث تمكنت دبي من الحفاظ على جاذبيتها أمام الشركات والأفراد على نطاق عالمي.
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز