اخبار

الاحـتـلال وتـفـعـيـل آلـة الـقـتـل..صادق الشافعي

الاحـتـلال وتـفـعـيـل آلـة الـقـتـل..صادق الشافعي

2023 Aug,26

بين فترة وأُخرى تفرض أحداث القتل الدموية في المناطق الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948 نفسها، تفرضه بعمليات قتل دموية يذهب ضحيتها أشخاص من الجنسين ومن أعمار متفاوتة وفي مناطق متعددة، ودون ان يتبنى فعلها او المسؤولية عنها أي طرف او جهة او حتى أحد، ودون ان يعلن عن أي خلفيات لها سواء سياسية او وطنية او دينية او اجتماعية او حتى عائلية.
ما يفرض الكتابة عن هذا الموضوع الآن هو العملية التي نفذت أخيرا وقتل فيها أربعة أشخاص منهم مدير مجلس بلدية الطيرة، وكذلك المرشح لرئاسة المجلس البلدي في أبو سنان، بالإضافة الى جريمة إطلاق نار استهدفت منزل رئيس بلدية رهط.
ان التسارع في ارتفاع ضحايا الجريمة المنظمة في الأوساط العربية يترافق مع ارتفاع وتيرة الاغتيالات والإعدامات الميدانية التي تقوم بها حكومة الاحتلال في الضفة والقطاع. ومن الجلي ان هذا الترابط يقود الى استنتاج ان الجهة المخططة لهذه الجرائم واحدة، ألا وهي دولة الاحتلال بأجهزتها ومؤسساتها وأذرعها العسكرية والأمنية والاستخباراتية.
ومن الممكن تفسير هذا التصاعد في عمليات القتل اليومي بالعوامل التالية:
أولاً، نمو دور اليمين الصهيوني المتطرف وبالتالي انتهاج سياسات عنصرية بدءاً من إقرار قانون قومية الدولة والتغول في الاستيطان، والحديث المتكرر عن الضم وصولاً الى التهديد بالتهجير القسري.
ثانياً، دور هذه الحكومة في القمع والاضطهاد والتفرقة العنصرية في تعاملها مع الشعب الفلسطيني في هذه المناطق ومحاصرته في لقمة عيشه ودفعه لأساليب الكسب غير المشروع، والدفع به الى أحضان جماعات الجريمة المنظمة.
ثالثاً، تقاعس أجهزة الشرطة عن القيام بدورها ونادراً جداً ما يتم القبض على الفاعل او الفاعلين من قبل قوات الامن الاسرائيلية، ونادراً ما قامت تلك الأجهزة بمحاولات وجهود معرفة الجناة، لأنها حقيقة لا تهتم بتحقيق ذلك ولا تقوم بالتحقيق اللازم لكشف غموض تلك العمليات والقبض على منفذيها والمسؤولين عنها، وذلك في إطار سياستها لتفتيت المجتمع العربي وإغراقه بالفتن والمشاكل.
وهذا ما يثير الشكوك ومعها الجدل حول ارتياحها لمثل هذه العمليات كونها تحصل في المناطق العربية وبين أهلها وسكانها.
وهي لا تقوم زيادة على ذلك، بتتبع مصادر السلاح غير الشرعي الذي يحصل عليه ويمتلكه منفذو عمليات القتل ببساطة لأن هذا السلاح لا يوجه الى المواطن الإسرائيلي بل الى العرب، اهل البلاد واصحابها الأصليين.
وكل ذلك يحصل على قاعدة المثل الشعبي المعروف « فخار يكسر بعضه».
يضاف الى ذلك، أن انتشار الفوضى والجريمة وسيطرة الرعب على البلدات العربية بالداخل سيؤدي الى احراج القوى الوطنية والتقدمية، وأيضاً الدينية في هذه المناطق، وخاصة اننا على أبواب انتخابات محلية، بالرغم من ان هذه القوى او المجالس او القيادات لا تملك الصلاحية ولا القدرة ولا الإمكانيات للتصدي لهذه الجرائم.
ولكن يبقى في مقدورها العمل الموحد والجاد، وبكامل القدرة والإمكانية التي يتيحها حال الاحتلال وقوانينه وقواه التنفيذية، من اجل تحقيق أعلى مستوى من التوافق والسلم الاجتماعي في اوساطهم واوساط قواهم، مرتبطة بعمق مع التمسك بانتمائهم الوطني وحقوقهم الوطنية التاريخية والمشروعة.
 ويبقى في مقدورها كشف دور قوى أمن دولة الاحتلال وعدم قيامها بواجبها وبالدور والجهد المطلوبين لمحاصرة هذا الحال، ومحاصرة ووقف الوضع الذي يسهل حصول عمليات القتل، ووقف سياسة غض الطرف في التعامل مع مصادر السلاح. بل وضرورة السيطرة على تلك المصادر التي يشاع انها تأتي من الجيش نفسه، ووقف حال سهولة تداول السلاح وسهولة وصوله الى ايدي القتلة.
والتصدي للسياسة العامة لدولة الاحتلال في تمزيق النسيج الاجتماعي الفلسطيني ونشر الفوضى على ايدي العصابات الإجرامية المرتبطة بأجهزة دولة الاحتلال واهمها الشاباك.
وكذلك سياسة إلهاء وشغل المواطن الفلسطيني عن دوره في النضال من أجل البقاء والثبات في ارض وطنه التاريخي وحقوقه التاريخية في تلك الأرض، والنضال من اجل الحصول على حقوقه السياسية والإنسانية والأمنية في أي بقعة من ارض وطنه الفلسطيني.
 ومن الممكن أن تقوم القيادة الوطنية الفلسطينية وقواها التنظيمية المكونة لها وبشكل موحد بدور في دعم نضالات أهل الوطن وقواهم الوطنية السياسية والمجتمعية في مناطق 1948 بكل الطرق الممكنة، وبالتعريف بواقع أهلها وبنضالاتهم ومطالبهم، وبالدفع والمساهمة بالطرق الممكنة وبقدر الإمكان في توحيد تلك النضالات، وفي توحيد فعل ومواقف القوى والمؤسسات الوطنية في مسار وطني موحد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى