اخبار الإمارات

مخالفة بـ 50 ألف درهم

يستحق المرسوم رقم 30 لسنة 2023 بشأن حجز المركبات في إمارة دبي، وقفة متأنية، لأنه يمس سلوكيات شائعة يمكن أن نتورط في ارتكابها أو نكون عرضة لتبعاتها، ويثير تساؤلات مهمة عن الدافع وراء التعديلات الصارمة التي يتضمنها المرسوم.

اخترت الوقوف أولاً عند حالة بعينها من حالات الحجز الوجوبي للمركبة، وهي القيادة من قبل طفل أو مراهق يقل عمره عن 18 عاماً، وتحديد قيمة فك الحجز بمبلغ 50 ألف درهم.

لاشك في أن هذا إجراء رادع بكل المقاييس، سواء ما يتعلق بالحجز أو قيمة الفك، ما يجعلنا نتخيل حجم المشكلة التي تعكس نزقاً وجموحاً من عدد غير قليل من المراهقين، وتساهلاً غير مبرر من آباء لا يستطيعون مقاومة رغبات أبنائهم حتى لو كانت على حساب سلامتهم!

لديّ صديق ينتمي لهذه الفئة، دأب على السماح لابنه بقيادة السيارة وهو في الخامسة عشرة من عمره، إلى أن تلقى مكالمة هاتفية تفيد بتعرض شخص للدهس تحت عجلات سيارته التي كان يقودها ابنه بعلمه، ثم اصطدامها بعمود إنارة على جانب الطريق، ليتعرض الرجل لإصابات بالغة، والابن لإصابات طفيفة.

ودخل الأب في دوامة عنيفة وقضّى أياماً صعبة إلى جوار ضحية ابنه في المستشفى حتى تماثل للشفاء، ثم استرضاه كثيراً ليقبل بتعويض مناسب، وانتهت الأزمة بتبعات نفسية وقانونية ومادية بالغة التعقيد.

حالة صديقي ليست نادرة أو فريدة، وجميعنا ندرك أن هناك آباء يتفاخرون أحياناً بأن أبناءهم يمكنهم القيادة في سن مبكرة غير قانونية، معتقدين أن هذه علامات نضج مبكرة.

وبحسب النيابة العامة في دبي، فقد سجل أكثر من 40 قضية خلال العام الماضي، لأطفال تورطوا في قيادة مركبات دون رخصة قيادة.

وما لا يدركه كثيرون هو أن هناك مسؤولية قانونية يتحملها الآباء في حال التأكد من سماحهم لأبناء دون السن القانونية بقيادة المركبات، وتسبب الأطفال في حوادث مرورية، إذ لن تقتصر العواقب في هذه الحال، على مجرد المخالفة أو الحجز أو سداد قيمة فك الحجز.

وبعيداً عن كل ذلك، شهدنا وقرأنا كثيراً عن حوادث راح ضحيتها أطفال ومراهقون بسبب تساهل الآباء مع أبنائهم في هذا السلوك، غير مدركين أن المركبة يمكن أن تتحول إلى أداة قتل، إذا تُركت لمن لا يملك القدرة على قيادتها بطريقة صحيحة.

الأطفال غير الحاصلين على رخصة قيادة يرتبكون إذا تعرضوا لأي طارئ على الطريق، ومن ثم يكونون عرضة لارتكاب حوادث، ولا يمكن مسامحة أب أو أم ارتاح ضميره، وهو يضع ابنه في هذا الخطر غير مبالٍ بالعواقب.

ولم تحدد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل سن الرشد بـ18 عاماً اعتباطاً، إذ أجمعت الدراسات على أن هذه هي السن المناسبة للإدراك والتمييز، ومن ثم أرى أن عقوبة هذه المخالفة، وفق المرسوم رقم 30، تحمي الأطفال والمراهقين من طيش هذه المرحلة العمرية، وتردع الآباء المهملين، وتعزز سلامة مستخدمي الطريق الأبرياء في إمارة حداثية ودولة بالغة الرقي.

محكم ومستشار قانوني

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى