اخبار

مُظاهرات صاخبة ومجتمع إسرائيلي أكثر انقساماً وتشرذماً ! – عين الوطن


د. عبدالمجيد الجلاَّل

بالمختصر المفيد ، إسرائيل تعيش مأزقاً سياسياً واجتماعياً غير مسبوق ، إذ تعاني من انقسام داخلي حادّ ، يعمل على تأزيمه أكثر ، اليمين الإسرائيلي المتطرف ، الذي يُهيمن حالياً ، على إدارة شؤون الدولة اليهودية ، بقيادة بنيامين نتنياهو رئيس وزراء حكومة إسرائيل ، وهي ، الأكثر تطرفاً وفاشية في تاريخ الاحتلال ، وهي بالمناسبة ، خامس حكومة إسرائيلية ، في أقل من أربعة أعوام !
وتعود أساسا المُشكلة ، إلى التعديلات على صلاحيات السلطة القضائية ، والمحكمة العليا ، والتي تستهدف تقويض وإضعاف صلاحيات السلطتين ، وضمان عدم خضوع رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو لمحاكمة ، بتهم تتعلق بخيانة الأمانة ، والنصب ، والاحتيال ، واستخدام منصبه لتحقيق مصالح شخصية ، والتي قد تقوده إلى السجن !
ووصلت حدة الاختناق السياسي ، إلى درجة خروج مظاهرات صاخبة ، واشتباكات مع رجال الشرطة ، وسط مخاوف في الداخل الإسرائيلي ، وخارجه ، من تأثير ذلك على أمن إسرائيل واستقرارها ، بل تصاعدت المخاوف ، من اندلاع حرب أهلية في الداخل الإسرائيلي ، في مُجتمعٍ مُنقسم جداً ، بل وصل الانقسام ، إلى وحدات الجيش الإسرائيلي ، برفض بعض وحداتها الخدمة العسكرية إذا تمَّ إقرار التعديلات القضائية .
وقد احتج الحليف الأمريكي ، على التدخل الحكومي ، في صلاحيات القضاء والمحكمة العليا ، وطالب نتنياهو مباشرة ، بوقف مساعيه ، لتعديل قانون القضاء فوراً ، وعدم تمرير أي قانون ، لا يحظى بإجماع واسع من الناخبين ـ وأكد أنَّ استمرار السياسات الإسرائيلية ، بهذا المنوال ، سيصيب الديمقراطية الإسرائيلية كما يزعم الحليف الأمريكي ، بضرر ، ومعها العلاقة مع الولايات المتحدة ، التي قد يصعب إصلاحها في المُستقبل المنظور .
أكثر من ذلك ، ندد 9 نواب ديمقراطيين ، ثلاثة منهم مسلمون ، بسياسات القمع الإسرائيلية بحق الفلسطينيين ، ووصف بعضهم إسرائيل ، بالدولة العنصرية ، وأنَّها تنتهج نظام « أبارتايد » العنصري ، بسبب القمع ، وجرائم الحرب الممنهجة، بحق الفلسطينيين ، بشكل يومي !
كذلك ، اتهمت إدارة بايدن ، حكومة نتنياهو ، بصورة خجولة ، بعرقلة حل الدولتين، وتسريع وتكثيف الاستيطان غير الشرعي !
ومع كل هذه الاعتراضات والاحتجاجات ، على مشروع التعديلات القضائية ، أو بعبارة أخرى ، مشروع تقويض القضاء ، أصرت حكومة نتنياهو المُتطرفة ، على تمريره على الكنيست ، وتمت الموافقة عليه ، بعد مقاطعة المُعارضة للتصويت ، ومن ثمَّ ، فقد كانت أولى خطوات كسر قيود الرقابة القضائية على قرارات الحكومة، لتفعل ما تشاء ، وتحكم البلاد وفق أهوائها وأجندتها ، دون نظرٍ وبصيرة إلى غليان الشارع الإسرائيلي !
إذن ، الانقسام السياسي والمجتمعي الإسرائيلي ، يبلغ ذروته ، وترتفع معه معاناة الفلسطينيين ، من وحشية سلوكيات وتصرفات بلطجية المستوطنين ، وغلاة المُتطرفين في حكومة نتنياهو ، من أمثال وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير ، الذي ظلَّ يقود اقتحامات المستوطنين ، وتدنيسهم ، للمسجد الأقصى !
خلاصة القول : السياسات الأمريكية ، للتغطية على جرائم الاحتلال ، واستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن أكثر من 42 مرة ، لحماية الكيان الإسرائيلي، ومنع إدانة جرائمه ، وانتهاكه للمبادئ والقانون الدولي ، كل ذلك شجع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ، على فرض شروطها وأجندتها ، على الفلسطينيين ، وعلى المجتمع الدولي , وهذه السياسات ، هي المسؤولة تحديداً ، عن تدمير فرص السلام والاستقرار في المنطقة !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى