اخبار

إنقاذ سوريا وطناً موحداً إنقاذ للعرب والمسلمين أجمعين…

لم يشهد التاريخ المعاصر حربا كونية ظالمة على دولة واحدة مثلما شهد في سوريا منذ اثني عاما إلى الآن ، ولم يشهد صمودا بطوليا مذهلا في الدفاع عن الذات مثلما شهد في سوريا . وكلما اقتربت من الانتصار والنجاة شدد عليها الأعداء الكونيون حربهم ، وضموا أعداء جددا في هذه الحرب خارجيين ومحليين طامعين في الوصول إلى هدف الحرب ، وهو القضاء على سوريا بصفتها وطنا موحدا ودولة واحدة ، وتقسيمها ست دويلات طائفية ومذهبية وعرقية . وأحدث ما ظهر في هذا المخطط الغربي الإسرائيلي الذي تقوده أميركا الإعلان عن تكوين إدارة ذاتية في السويداء التي تقطنها أغلبية درزية لتسير على خطا الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق البلاد برعاية أميركية  . وهذه التقسيمات تنفيذ لمخطط  قديم مبيت لكل دولة عربية وإسلامية كبيرة. وفيه تقسيم مصر أربع دول ، وتقسيم بلاد الحرمين ذات العدد ، و لإيران وتركيا نصيب من هذا المخطط ، وكل تنفيذ في وقته الملائم الذي يسهل فيه . وكلما قسمت دولة سهل تقسيم الدولة التي تليها.
وهدف هذه التقسيمات المحوري سيطرة الغرب وأميركا على العرب والمسلمين سيطرة مطلقة ، وأن تصبح إسرائيل الدولة القوية الوحيدة في جغرافية العرب والمسلمين ، فلا بقاء  لها في هذه الجغرافيا إلا بهذه الصفة ؛ صفة الدولة القوية الوحيدة . وضعفها الذي فضحته المقاومة العربية في لبنان وفلسطين يجعل الوصول إلى هذه الصفة قضية حياة أو موت لها . وكل ما يحدث في المنطقة العربية من السودان إلى سوريا وملامسة لما بينهما من دول عربية تهيئات لتنفيذ مخطط التقسيم . ويشارك بعض العرب في تنفيذه وهما منهم أن هذه المشاركة ستنجيهم، وأن أعداء العرب والمسلمين سيكافئونهم على هذه المشاركة بدويلات صغيرة تخص عرقياتهم أو طوائفهم أو مذاهبهم غافلين عما ينتظرهم من سوء المآل بعد القضاء على الدول الكبيرة التي كانوا جزءا منها . وهذا ما فعله دائما متوحشو الغزاة وهمجهم مع أهل البلاد التي غزوها.
غدروا بمن عاونهم في السيطرة على وطنه وشعبه . فعل هذا التتار في الشرق ، وفعله الأوروبيون في العالم الجديد وراء الأطلسي ، وأبدا تعيد مأساة أكل الأسد الثور الأسود بعد أكله الثور الأبيض نفسها ،  وما أقل من يتعلم  من عبر التاريخ بين العرب والمسلمين ! وما أقل من يأتسي منهم بالمعتمد بن عباد ملك إشبيلية وقرطبة حين لامه بعض محبيه على استعانته بيوسف بن تاشفين في حربه مع الفونسو  السادس ملك قشتالة وليون ، وكان ابن تاشفين انقلب على المعتمد ، وسجنه في أغمات بالمغرب . رد المعتمد على لائميه بأصالة المسلم وعزة انتمائه وصدق وفائه : ” لأن أكون راعي إبل لدى ابن تاشفين أحب إلي من أن أكون راعي خنازير لدى الفونسو”.

أموال عربية وأيدٍ عربية صنعت أكثر خراب وعذاب سوريا ، ومن عاد إليها من العرب ، أو بالأصح تظاهر بالعودة غليها ، لم يسعفها في شيء ، وهذا طبيعي ما دامت عودته تظاهرا اقتضته الظروف لا حقيقة وحسن نية . من خربها وعذبها لن يكون معمرا لها وحانيا عليها . وكل ما ينوبها من ويلات ونازلات ناكبات أتتها وما زالت تأتيها من جوارها العربي والإسلامي ، وممن خانوها من أبنائها.
الغرب وقائدته الفاجرة أميركا وصنيعته الوضيع إسرائيل ما كان ليديم مأساة سوريا ويمضي في مخططه لتقسيمها لولا ذلك الجوار وأولئك الأبناء الغادرين العاقين . وقل ذلك عن كل ما نكب به الغرب العرب ومازال ينكبهم به في كل وطن من أوطانهم حتى في الأوطان التي تحسبه صديقا محبا لها محافظا عليها . إنه يخاف الأقوياء ولا يرحم الضعفاء ، ولولا خوفه من روسيا مثلا لاجتاحتها قواته ردا على هجومها على أوكرانيا ، فاكتفى بمدها بالأسلحة والأموال والتدريب والمعلومات . وموقفه من الصين يشبه موقفه من روسيا.
لولا قوتها الشاملة جيشا واقتصادا وصناعة وتكنولوجيا لافترسها ، ونفس الموقف يكرره مع  كوريا الشمالية . الخوف هو رادعه الوحيد . وها هو بايدن يحط في فيتنام التي طحنت كبرياء أميركا ، وأرغمتها على الانسحاب فرارا ذليلا من أراضيها في سبعينات القرن الماضي . حط فيها طمعا وأملا في علاقة استراتيجية متنوعة تنفعه في صراعه مع الصين . والعرب والمسلمون لو التقوا على قلب رجل واحد في مواجهة أميركا قائدة الغرب الفاجرة القاسية على الضعفاء  لكان ما فعلته بها فيتنام قذفة بحصاة موازنة بما سيفعلونه بها ، وهي لن توصلهم إلى ذلك الفعل إذا شعرت أنهم قادرون عليه . وفعلت بها أفغانستان وحدها بعضا منه . وصف أبو بكر الصديق _ رضي الله  عنه _ في رسالة إلى أبي عبيدة  بن الجراح _ رضي الله عنه _ يحثه فيها على السيطرة على دمشق ؛ بأنها حصن الشام ، وانطلاقا من ذلك الوصف الدال على صحة النظر الاستراتيجي ؛ سوريا اليوم حصن العرب والمسلمين ، صمودها وانتصارها صمود وانتصار لهم ، وهذه الحقيقة التي لا نحب أن نذكر نقيضها توجب عليهم جميعا أن ينقذوها وطنا موحدا ، ومن لا يملك شجاعة وحرية  المساهمة في إنقاذها فليكف عن معاونة الأعداء في تدميرها تمهيدا لتقسيمها . التدمير والتقسيم سيسرعان إليه بعدها .
                            ***
حدث هذا في الكويت ! انتبه الشاب إلى نظر رجل إليه كلما حضر الاثنان للصلاة في المسجد . وصدف أن جلس قربه بعد أيام انتظارا للإقامة ، فاستفهمه متلطفا عن علة  نظره إليه ، فأجابه مبتسما : ” أظنك غريب بلاد ! ” . قال الشاب : ” أنا من غزة . مدرس رياضيات . ” ، فرحب به الرجل ترحيبا صادقا من القلب ، ورجاه أن يتصل به في كل ما يريده  أو يواجهه من المشكلات . وبعد أيام غاب الرجل ، وحين سأل الشابُ الإمامَ عنه كانت المفاجأة ! إنه وزير ، وهو الآن في مهمة خارج البلاد . حدث هذا في الكويت ! هذه هي العروبة الحقُ ، وهذا هو الإسلام الصدقُ . وهذا هو شعب الكويت العربي المسلم الوفي . بين هذا الشعب لا يشعر ابن غزة أنه غريب بلاد .
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى