اخبار الإمارات

نكسة للطموحات الخضراء مع صعود الأحزاب اليمينية في انتخابات أوروبا

ت + ت الحجم الطبيعي

يعكس صعود الأحزاب الشعبوية واليمينية في انتخابات البرلمان الأوروبي منذ أيام، تراجعاً واضحاً للأحزاب الخضراء، فيما يتواصل صمود تيار الوسط. وبعد 5 سنوات من النشوة التي عاشتها أحزاب الخضر في عام 2019، مع زيادة عدد مقاعدها من 52 إلى 74 مقعداً، انتكست الأمور وتراجع العدد الآن إلى 53 مقعداً.

ومن غير المرجح أن تتسبب هذه الانتكاسة في تراجع شديد واسع النطاق في سياسات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالمناخ، لكنها ستؤدي بالتأكيد إلى طموحات بيئية أقل كثيراً في السنوات الخمس المقبلة، مع تداعيات تتجاوز حدود أوروبا. وتبين أن أداء أحزاب الخضر في عام 2019 هو أقصى ما يمكن أن تصل إليه.

وفي ظل مناخ اقتصادي أكثر ملاءمة قبل الجائحة والحرب، لعبت المسيرات الحاشدة المتأثرة بالجماعات الخضراء والنشطاء مثل غريتا ثونبرغ، في جعل المخاوف المتعلقة بالمناخ قضية انتخابية مركزية.

واستجابة لذلك، تبنت الأحزاب الرئيسة في أوروبا تعهدات تحقيق الحياد الكربوني. وأطلقت أورسولا فون دير لاين، الرئيسة المقبلة للمفوضية الأوروبية في ذلك الوقت، الصفقة الخضراء، وهي خطة تهدف إلى تحقيق الحياد المناخي في الاتحاد الأوروبي بحلول العام 2050 – واعتبر مشروعها الرائد، لكن لسوء الحظ، بدأ الناخبون يشعرون بتأثيرات السياسات الخضراء على مواردهم المالية وأنماط حياتهم، مع بدء ارتفاع التضخم بعد الجائحة والصدمات المتعلقة بالطاقة الناجمة عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

كما ساهمت بعض الحكومات في تفاقم المشكلات من خلال اتخاذ إجراءات غير محسوبة، حيث أسفر تقديم الائتلاف الثلاثي في ألمانيا والذي يضم حزب الخضر، مشروع قانون لاستبدال أنظمة التدفئة بالغاز والنفط الجديدة بمضخات حرارية، عن ردود فعل عنيفة استغلها حزب اليمين المتطرف «البديل من أجل ألمانيا». كما حققت الأحزاب اليمينية المتطرفة في دول أخرى، مكاسب سياسية عبر وعود بإبطاء عمليات تحول الطاقة، كما تبنت أحزاب يمين الوسط نهجاً مخففاً يسير في الاتجاه نفسه.

وفي مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي، شكلت احتجاجات المزارعين ضد الأنظمة البيئية، التي ينظر إليها على أنها متشددة، خلفية مختلفة تماماً للتصويت في انتخابات العام 2024.

والصورة العامة تتسم بكثير من الاضطراب، والأمر أكثر تعقيداً من مجرد تحول أصوات الخضر إلى أحزاب اليمين المتطرف. وقد كان أداء أحزاب الخضر في فرنسا وألمانيا الأسوأ، في حين كان أداء اليمين المتطرف هو الأفضل. وكان أداء حزب الخضر أفضل في السويد، حيث لم يصعد اليمين المتطرف، وحقق مكاسب في الدنمارك، في حين تفوق تحالف العمال/ الخضر في هولندا على حزب خيرت فيلدرز اليميني المتطرف بفارق ضئيل.

وفي ظل الأداء القوي عموماً للأحزاب اليمينية المتطرفة، تشير استطلاعات الرأي إلى أن المخاوف المتعلقة بالهجرة وتداعياتها على قضايا مثل تكاليف الإسكان كانت أكثر تأثيراً من «ردود الفعل العنيفة تجاه السياسات الخضراء».

عموماً، فإن الحضور المتزايد لأعضاء اليمين المتطرف في البرلمان، والحذر المتزايد الذي أبدته كتلة حزب الشعب الأوروبي، وهي من يمين الوسط، وتعد فون دير لاين عضواً فيها، يشيران إلى نظرة أقل إيجابية للسياسات الخضراء خلال السنوات الخمس المقبلة والتي تعد حاسمة في تحديد ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيحقق أهدافه المناخية لعام 2030. صحيح أنه سيكون من الصعب التراجع عن القوانين الخضراء التي تم اعتمادها بالفعل، لكن من المقرر مراجعة بعض السياسات، مثل التخلص التدريجي من بيع السيارات الجديدة العاملة بالبنزين أو الديزل بحلول العام 2035، وقد يتم إضعافها كثيراً.

ومن الممكن أن يؤدي وجود برلمان أقل مراعاة للمناخ إلى تعقيد جهود بروكسل للاتفاق على هدف قانوني يتمثل في خفض صافي الانبعاثات بنسبة 90% عن مستويات 1990 بحلول العام 2040. ومن المرجح أن تحول فون دير لاين تركيزها إلى قطاعات أخرى، مثل الدفاع، حال فوزها بفترة ولاية ثانية.

ويحتاج صناع السياسات الملتزمون بالتحول الأخضر إلى التعلم من الدروس المستفادة، ويجب أن يكونوا متفهمين أكثر لتأثير ذلك على المستهلك، وضمان تصميم السياسات بعناية وفعالية، مع توفير المساعدة للأشخاص الأكثر تضرراً. ويمكن للحوافز الضريبية الأكثر استهدافاً لخفض التكاليف الأولية لتركيب الألواح الشمسية أو التحول إلى السيارات الكهربائية، أن تسرع تبني الشركات والأسر لها على حد سواء. علاوة على ذلك، ثمة حاجة إلى رواية أكثر إقناعاً حيال الوظائف والمشاريع التجارية والتقنيات التي سيوفرها التحول الأخضر.

إن الانتخابات الأوروبية لعام 2024 قد تثبت أنها ذروة نفوذ اليمين المتطرف، لكن في خضم الجهود المبذولة لتحييد صفوف اليمين المتطرف، ينبغي ألا نغفل التركيز على مواجهة التهديد الوجودي للتغير المناخي.

تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى