اخبار

ستنتقم طهران لشهيديها ابتداء من مساء اليوم..صالح القزويني

استشهاد اثنين من المستشارين الايرانيين بقصف اسرائيلي على سورية ليس بالأمر الهين ولا بالبسيط لتتجاهله طهران أو تغض الطرف عنه أو تمر عليه مرور الكرام، لأنه يستهدف كرامتها وعزتها قبل أن يستهدف قواتها ومواقعها في سوريا، وبالتالي فمن المؤكد انها سترد وتنتقم لهذا الاستهداف.
ثمة من يقول ان هذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها اسرائيل القوات الايرانية والقواعد التي تضم مستشارين ايرانيين في سوريا، ولم ترد ايران على الاعتداء، فمالذي يميز هذه المرة عن سابقاتها؟
وهنا ينبغي الاشارة الى عدة أمور:

ـ أولا: منذ ان قررت طهران التواجد العسكري في سورية والى هذا اليوم  فان الاستهدافات الاسرائيلية لمقرات ايرانية لا يتجاوز عدد الأصابع، وردت ايران على كل تلك الاستهدافات سواء بتنفيذ عمليات اغتيال أو تفجيرات ضد اسرائيل داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة أو خارجها.
ـ ثانيا: معظم الاعتداءات الجوية الاسرائيلية على سورية ترمي الى استكشاف أنظمة الدفاع الجوي التي بنتها ايران أو تسعى لبنائها في سورية، لذلك فان أغلب الغارات الاسرائيلية تطال مناطق صحراوية قاحلة في سورية لترى اسرائيل ما اذا كانت تنطلق المضادات الجوية منها أم لا؟
ـ ثالثا: بعض الاعتداءات الاسرائيلية تستهدف مقرات وتجمعات لأصدقاء ايران وسورية، إلا أن اسرائيل تعلن انها استهدفت المقرات والقواعد الايرانية.
ـ رابعا: معظم ما تعلنه اسرائيل حول استهداف القوات الايرانية في سورية مجرد أكاذيب لا تمت للواقع بصلة، وترمي بالدرجة الأولى الى رفع معنويات القوات الاسرائيلية، وتعزيز انسجام الائتلاف الحاكم، لذلك فان طهران لا تعير أهمية لما تعلنه اسرائيل بهذا الخصوص، ولا ترى أن الأكاذيب الاسرائيلية تستحق حتى الرد.
ولكن بما أن طهران هي التي أعلنت هذه المرة عن استهداف مستشاريها واستشهاد اثنين منهم، فانه يتحتم عليها الرد، خاصة وأن صيحات الايرانيين تعالت اليوم الثلاثاء  خلال مراسم تشييع ودفن الشهيدين بوجوب الرد والانتقام، بل الأمر لا يتحمل التأخير ولعل الحشد الاعلامي الواسع وتسليط الأضواء على استشهاد المستشارين وخاصة مراسم التشييع والدفن ينبئ بحتمية الرد والانتقام الايراني.
وهناك أسباب تدفع ايران بقوة الى الرد على الجريمتين الاسرائيليتين، من ابرزها:
ـ أولا: لتوجه رسالة لاسرائيل، أن أي استهداف لمواطنيها أو لمصالحها لن يمر دون رد.
ـ ثانيا: لتوجه رسالة للعالم وخاصة العالم الاسلامي، إن اسرائيل لا تزال عدوة لها.
ـ ثالثا: لتوجه رسالة للمنطقة والعالم، ان التغييرات التي طرأت على علاقاتها مع دول المنطقة، أو العودة المحتملة للاتفاق النووي لن تؤثر على موقفها وسياساتها تجاه اسرائيل.
ـ رابعا: لتوجه رسالة بأن الاحتجاجات الداخلية التي شهدتها لم تفل من عضدها ولم تضعف قوتها.
ولكن رغم كل ذلك فهناك من يعتقد أن ايران لن ترد، ليس لضعف منها أو لخشيتها من الرد الاسرائيلي والأميركي وانما لكي لا توفر لرئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو فرصة استغلال التصعيد مع ايران لتقوية ائتلافه الحكومي وتجاوز الأزمة الحالية التي يمر بها الكيان، فمن الواضح أن نتنياهو قرر التصعيد ضد ايران، ليضرب عدة عصافير بحجر واحد، منها، لوضع العصي أمام التقارب العربي السوري، وعرقلة التقارب الايراني العربي، وتوجيه الأزمة الداخلية الاسرائيلية الحالية الى الخارج، كمرحلة أولى وبعدها السعي الى حلها والسيطرة عليها، غير ان ايران لن تلتفت الى هذه القضايا بل على العكس من ذلك فان تقاربها مع السعودية يقوي موقفها، ويرسخ اعتقادها بأن هذا الكيان لا يفهم شيئا سوى لغة القوة، أما التطبيع والتقارب فانه يشجعه على ارتكاب المزيد من الجرائم.
السؤال المطروح هو، متى ستنتقم طهران لشهيديها وكيف؟
وفقا للتجارب السابقة وخاصة تجربة الشهيد قاسم سليماني، فان ايران بدأت الانتقام للشهيد سليماني بعد مراسم تشييعه ودفنه، لذلك من المتوقع أن تبدأ من مساء اليوم بالرد على الجريمتين، وليس بالضرورة أن تكتفي برد أو ردين بل ليس من المستبعد أن تكون عدة ردود وفي فترات مختلفة، كما أنه ليس بالضرورة أن يكون الرد بقصف صاروخي، بل من المتوقع أن تكون الردود متنوعة، من عمليات اغتيال الى تفجيرات الى استهداف للمصالح الاسرائيلية في الخارج أو حتى الهجوم بطائرات مسيرة.
وفي اطار الرد الايراني ينبغي الاشارة الى نقطتين اساسيتين:
ـ الأولى: مادامت تل أبيب لم تتبن بشكل رسمي العدوان على سورية وقتلها للمستشارين الايرانيين فان طهران لن تتبنى بشكل رسمي أي عملية ضد اسرائيل، بل ستنشر وسائل اعلام سواء كانت موالية لايران أو غير موالية أنباء عن عمليات تشير الى أن ايران تقف وراءها.
ـ الثانية: أن الرد والانتقام سيكون ايراني بحت، أي أن الاجهزة الأمنية والعسكرية الايرانية هي التي ستنفذ عمليات الرد، وهذا لا يعني أن ايران ستمنع أصدقاءها وحلفائها من تنفيذ العمليات ضد اسرائيل، ولكن عمليات الأصدقاء والحلفاء لن تكون بديلة عن العمليات الايرانية.
باحث في الشأن الايراني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى