اخبار

استراتيجية أمريكية جديدة لمواجهة الصين بحلف ناتو آسيوي ! – عين الوطن


د. عبدالمجيد الجلاَّل

يبدو أنَّ الولايات المُتحدة الأمريكية ، قد بنت استراتيجيتها ، على أنَّ الصين ، هي الدولة الوحيدة ، القادرة على تحدي وإنهاء الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي ، وهي التحدي الأكبر والحقيقي للمصالح الأمريكية على المدى البعيد ، بما تملكه من قدرات عسكرية واقتصادية وتجارية وصناعية وتقنية ، وحتى بما يتعلق ببرامج غزو الفضاء ، ومشروع الصين العملاق الحزام والطريق ، الذي يمتد ليشمل قارات العالم بتريليونات الدولارات .
إذ ، تضمنت بنود هذه الاستراتيجية الأمنية ، محاولة منع تطور التحالف الصيني الروسي، لتحالف استراتيجي ، وتسريع تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب بعد حرب أوكرانيا ، والعمل على مواجهة واحتواء وعرقلة خطة الصين لإزاحة الولايات المتحدة عن صدارة النظام العالمي ، والعمل كذلك على تطوير القوات الأمريكية المسلحة ، وقدرتها التنافسية والابتكارية ، والعمل مع الحلفاء والشركاء لمواجهة الصين !
لذا ، سعت الولايات المتحدة ، لتشكيل وقيادة تحالفات تحاصر بها الصين ، وتحد من تمددها وحضورها ، خاصة ، في مناطق نفوذها في بحر الصين الجنوبي والشرقي ، وطمأنة حلفائها ، كوريا الجنوبية ، واليابان ، وأستراليا ، والفلبين القلقين من تمدد وبناء جزر وقواعد عسكرية صينية، بجوار حدودهم !
إذ تمَّ زيادة عدد القواعد العسكرية الأمريكية إلى 120 قاعدة في اليابان ، بنحو 53 ألف عسكري أمريكي من مختلف القطاعات العسكرية ، كما أنشأت الولايات المتحدة 73 قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية ، بنحو 26 ألف عسكري أمريكي !
كما قامت بإنشاء دفاعات قوية مشتركة لاكتشاف وردع الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والأنظمة العسكرية الهجومية الأخرى لدى كوريا الشمالية ، لتعزيز الحصن الدفاعي الإقليمي ، كما التزمت بنشر غواصة مسلحة نوويا مؤقتا ، في كوريا الجنوبية ، لأول مرة منذ ثمانينيات القرن المنصرم ، فضلاً عن إنشاء قاعدة عسكرية للمارينز في أستراليا.
وتمَّ تشكيل سلسلة تحالفات لمواجهة الصين ، منها المبادرة اليابانية عام 2007، لتحالف استراتيجي أمني رباعي ، يضم الولايات المتحدة، وأستراليا، واليابان، والهند ، لضمان أمن واستقرار وازدهار منطقة المحيطين الهندي والهادئ !
وفي عام 2021 ، تمَّ تشكيل تحالف أوكوس ، الذي ضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ، لاحتواء الصين ، والتعاون الأمني في مجال الحرب الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي ، بين الدول الثلاث !
كما تشكَّل في العام نفسه ، تحالف دفاعي للدول الأنكلوسكسونية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ، لدعم أستراليا ، وتزويدها بغواصات أمريكية ، تعمل بالطاقة النووية !
واليوم ، وفي قمة كامب ديفيد ، يظهر على السطح ، تحالف جديد بقيادة أمريكية، وبمشاركة كوريا الجنوبية ، واليابان ، بهدف ترسيخ الشراكة والتحالف الثلاثي الذي يجمع الدول في أكثر من تحالف ، وتوثيق العلاقات الأمنية والدفاعية ، ومناقشة تزايد نفوذ الصين ، ومناوراتها العسكرية المنتظمة في المنطقة، خاصة حول جزيرة تايوان ، التي تقول بكين بأنَّها جزء لا يتجزأ من أراضيها !
وقد وصف الرئيس بايدن القمة ، بالحقبة الجديدة والحدث التاريخي ، لتعميق التعاون والتنسيق الأمني والدفاعي ، كما اعتبر مراقبون سياسيون بأنَّ قمة كامب ديفيد الثلاثية ، هي نواة حلف أمني أمريكي – آسيوي لمواجهة كوريا الشمالية والصين ، وإعادة لرسم خارطة التحالفات الدولية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ، لمواجهة السلوك الاستفزازي المُستمر لكوريا الشمالية ، و تنامي النفوذ الصيني !
في المقابل ، عبَّرت الصين وكوريا الشمالية عن استيائهما من القمة ، واعتبرتا التحالف الثلاثي ، استفزازاً وتصعيداً ، يستوجب مواجهته ، لأنَّ هدفه التآمر على الصين ، عبر تشكيل ناتو آسيوي ، كما حث وزير الخارجية الصيني كلاً من اليابان وكوريا الجنوبية ، على العمل مع بكين لإنعاش شرق آسيا ، بدلا من انتقاد الصين !
على أية حال ٍ، ومنذ إعلان الرئيس الأمريكي السابق أوباما ، قبل عقدٍ من الزمن، الاستدارة نحو آسيا ، لاحتواء الصين ، خاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ، والبعد عن حروب والتزامات أمريكا ، في الشرق الأوسط والخليج العربي، أصبح الاهتمام الأمريكي الأول ينصب أساساً ، حول الصين ، واحتواء قوتها الاقتصادية والعسكرية والتقنية ، ونفوذها المُتزايد ، ما يعني تراجع أهمية وأولوية الشرق الأوسط والخليج العربي ، في الاستراتيجية الأمريكية الراهنة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى