اخبار

لا جدال حول مسوغات معركة طوفان الأقصى وقرارها الفلسطيني المستقل..

لا شك أنه لا يمكن التغافل وغض النظرعن أي بيان أو تصريح أو تلميح بقصد أو بغير قصد يُراد به تفريغ القضية الفلسطينية من مشروعيتها ومضمونها النضالي والتحرري والزج بها في زاوية ضيقة الجوهر والافق.
وهذا ما ينطبق تماماً على مزاعم بيان الحرس الثوري الإيراني بشأن سبب إندلاع معركة طوفان الاقصى المجيدة من أجل الثأر لقائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني.
بيان غريب ومفاجئ وأقل ما يقال في حق ما جاء عبر طياته، أنها لا تعدو كونها تُرهات وتصريحات ساذجة وغير مسؤولة.

ولكن قبل الخوض في البيان المفاجئ والبحث في مشروعيته ومسوغاته وتداعياته، لا نجد حرجاً في الإشارة إلى فضل الإدارة الإيرانية على المقاومة الفلسطينية بتقديمها المساندة والدعم المالي واللوجستي، ولا نبالغ إذا ما أضفنا إلى ذلك ولكن وبوتيرة أقل الدعم العسكري.
أقرت قيادة المقاومة الفلسطينية وفي أكثر من مناسبة بفضل الجمهورية الإيرانية وشكرتها لدعمها المتواصل، وكذلك نفعل نحن أبناء الشعب الفلسطيني بجميع شرائحه وأطيافه ومكوناته، ونشكر كل من ساند ثورتنا الأقدس في التاريخ الإنساني، سواء بالكلمة أو بالمال أو بالسلاح أو حتى بقلبه وهذا أضعف الإيمان.
ولكن لا ضير مرة أخرى من وضع النقاط على الحروف والخوض في السهل الممتنع لتكون الصورة أكثر شفافية ووضوحاً. بداية لا بد من تأطير وتوضيح ماهية العلاقة بين المقاومة الفلسطينية وإيران.
أعتقد أن القاصي والداني لا يخامره أدنى شك بأن العلاقة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والجمهورية الإيرانية مبنية على أساس المصالح المشتركة وليست على اساس التبعية والدفاع المشترك. وما يؤيد ذلك ويدعمه عدم معاتبة المقاومة الفلسطينية وعدم غضبها من تصريحات القيادة الإيرانية بعدم خوضها حرب طوفان الأقصى والإنخراط فيها، وترفعها وعدم ردها على الإشاعات المغرضة من أن إيران ألقتها في أتون حرب طاحنة وتخلّت عنها، بل على النقيض من ذلك، حاولت المقاومة الفلسطينية بشتى الوسائل عدم توريط إيران بحرب قد تؤدي بطريقة أو بأخرى إلى المساس بسيادتها وأمنها ومصالحها الإستراتيجية.
من البديهي أن لكل دولة إستراتيجياتها وأجنداتها الخاصة بها، والجمهورية الإيرانية ليست استثناء، والمقام والأوقات العصيبة التي تعيشها الأمة لا يسمحان بالخوض في أجندات إيران، ولكن وكما جاء في أكثر من مناسبة على أفواه قيادة المقاومة الفلسطينية والذي يتفق تماماً مع إرادة جُل الشعب الفلسطيني أنه لا يمكن التغاضي عن أو السماح لأي دولة أو أي نظام إتخاذ القضية الفلسطينية مطيّة لتحقيق مآربه ومصالحه وتنفيذ أجنداته.
لن نستبق الاحداث ونقول أن تصريحات الحرس الثوري الإيراني أنها ليست بريئة أو أنها سقطت سهواً أو أنها زلة لسان، وأن خلف الأكمة ما خلفها، ولكن لا ضير من التذكير أن ما أكثر ما يميز الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى صلابته وجبروته، أنه عصي على أن يُساق بعصا وأنه على درجة عالية من النضج والوعي السياسي وأنه لن يكون يوماً دُمى تحركه القوى وتتجاذبه وتؤثر على إرادته وسيادته.
نختم بالقول إن القضية الفلسطينية أكبر من كل الفرقاء والأشخاص، وقرار الحرب والسلم شأن فلسطيني محض، ولا يمكن أن تكون المقاومة الفلسطينية دُمى لا إرادة لها أو أن تخوض حرب بالوكالة لأي جهة كانت.
 واحتضان الشعب الفلسطيني للمقاومة الفلسطينية ودعمها مرده أنها تخوض حرب الصراع بين الحق والباطل، وبسبب المظلومية التاريخية التي حلّت به والمجازر التي أرتُكبت بحقه، ولدفاعها عن حق عودة اللاجئين وعن المسجد الأقصى المبارك ودور العبادة الإسلامية والمسيحية واجتثاث العدو الصهيوني الغاصب من أراضي فلسطين التاريخية.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى