اخبار

تصعيد موقوت: تحقق سيناريو حماس والجهاد الإسلامي..رون بن يشاي

أطلس للدراسات / ترجمة: عبد الكريم أبو ربيع/ يديعوت

التصعيد على الساحات الفلسطينية يبدو مخططًا له؛ حماس والجهاد الإسلامي – على ما يبدو – أقتاه مسبقًا لليلة واليوم الذي يسبق ليلة عيد الفصح، من أجل خلق مواجهة قوية على خلفية دينية. قيادات التنظيمات الإسلامية عرفوا أن نداء “الأقصى في خطر” هو بمثابة قنبلة قديمة لم تخب ولو لمرة واحدة، وهذا ما كان هذه المرة أيضًا.

الدعوة الموجهة للمسلمين للدفاع عن المسجد الأقصى من اليهود الذين يريدون أن يدمروه وأن يبنوا الهيكل في مكانه؛ نُشرت من قِبل التنظيمات الإسلامية على شبكات التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام؛ وانتشرت مثل النار في الهشيم.

كما في السنوات السابقة، هذه المرة أيضًا استخدم “المحرضون” المعلومة التي انتشرت في الإعلام الإسرائيلي عن نية مجموعة هامشية وغريبة الأطوار “أمناء الهيكل” لأن يقدموا قربان الفصح في المسجد الأقصى. هذا رغم أن الشرطة منعت وتمنع منذ سنوات دخولهم إلى المسجد، ويقومون بهذا الطقس على بعد حوالي كيلومتر واحد منه. الحدث الآخر هو دخول السياح واليهود إلى هذا الموقع، والذي يبدأ في ساعات الصباح عشية العيد ويستمر لساعات.

حسب كل الدلائل، فإن حماس والجهاد الإسلامي خططتا للتصعيد على مراحل: في الأسبوعيْن الأوليْن من رمضان كانت هناك عمليات استهدفت يهودًا دون إشعال المنطقة والشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. يبدو أن التنظيميْن نويا أن يسمحا في هذه المرحلة للمسلمين بالاحتفال دون إزعاج وبسعادة بشهرهم الخاص؛ في مساء ليلة عيد الفصح الانتقال إلى المرحلة الثانية من المواجهة الجسدية القوية، والتي يحركها المساس المفترض بالمقدسات الإسلامية في الأقصى.

عرفوا أن الشرطة لن تسمح لمئات الشباب المسلحين بالألعاب النارية والحجارة، والقضبان الحديدية لأن يتحصنوا ليلًا في المسجد الأقصى، الأمر الذي كان سيمكّنهم من مهاجمة الزوار والسياح اليهود الذين يدخلون إلى المسجد صباحًا واعتراض صلوات ليلة العيد في الحائط الغربي.

السيناريو المتوقع كان معروفًا وواضحًا: الشرطة ستحاول الحديث مع المتحصنين من خلال رجال الوقف، وعندما يفشل الحديث سيقتحم رجال الشرطة المسجد، وحينها تبدأ أعمال “الشغب العنيفة” التي تعتبر علامة لبدء المظاهرات في الضفة الغربية، وإطلاق الصواريخ من غزة، وربما صواريخ الفلسطينيين من لبنان، وزخات من الإدانات من قِبل الدول الإسلامية. حاليًا كل شيء تحقق ما عدا إطلاق الصواريخ من لبنان، لكن الحكاية لم تنتهِ بعد.

أحد الشواهد على أن التصعيد كان معدًا وموقوتًا مسبقًا هو “تجربة الأدوات” أول أمس في الأقصى: عشرات الشباب تحصنوا في المكان ليلًا، لكنهم لم يبدوا بالفعل أيّ مقاومة عندما أخلتهم الشرطة. مرّ الحدث بسلام دون ان يلفت الانتباه. المنظمات الإسلامية تأكدت بالفعل من أن الشرطة الإسرائيلية تعمل حسب النمط المعروف، واكتفوا بذلك في انتظار “الأمر الحقيقي”.

دليلٌ آخر وهو إطلاق الصواريخ من غزة، الذي بدأ بعد أن اقتحمت الشرطة المسجد الأقصى بوقت قصير، وبدأت باعتقال المتحصنين. عدد الصواريخ المطلقة (10 صواريخ وجّه أغلبها إلى مناطق مفتوحة) فيه دليل على تجهيزات مسبقة في غزة. يبدو أن المطلقين كانوا من الجهاد الإسلامي، رغم أن هناك احتمال لتورط حماس أيضًا.

قيادة حماس ربما تريد أن تشعل الضفة الغربية، لكنها في غزة ليست معنية بالتصعيد الكبير، الذي يستمر لأيام طويلة، وإنما في حدث رمزي وقصير، يثبت الارتباط بالمسجد الأقصى، ويضع حماس والجهاد الإسلامي في موضع المدافع عن الأماكن المقدسة. صالح العاروري (قائد منطقة الضفة الغربية في حماس، الذي يتحرك من لبنان وتركيا) بث تحذيرًا، ولذلك يجب الاستعداد لإمكانية أن تشتعل الجبهة الشمالية أيضًا. حزب الله ليس لديه الآن مصلحة ببدء الحرب، لكن يجب الاخذ بالحسبان إمكانية تدهور الأوضاع.

الجهات الأمنية في إسرائيل لم تتفاجأ. في الأثناء، تقديرات “أمان” و”الشاباك” الاستخبارية تنبأت بالضبط بما سيدور في التوقيت الذي يدور فيه. “الشاباك” والجيش الإسرائيلي نجحا في إحباط أغلب العمليات التي أعِدّ لها في المرحلة الأولى من أحداث رمضان، والمصابون في الجانب الإسرائيلي هم في أغلبهم مقاتلون أصيبوا وخرجوا جميعا من حالة الخطر.

الجيش الإسرائيلي هاجم في سوريا، وهاجم هذا الصباح أهدافًا لحماس في قطاع غزة ليثبت للتنظيمات الفلسطينية ما هو الثمن الذي سيدفعونه، وبالتالي ردعهم. عمليات الجيش الإسرائيلي في القطاع يُراد منها تمكين حماس من التوقف قبل أن تتطور جولة مواجهة كاملة مثل “حارس الأسوار” و”بزوغ الفجر”. الشرطة جديرة بالامتداح لأنها نجحت في معالجة المتحصنين في المسجد الأقصى بشكل جيد، واعتقلت حوالي 400 منهم دون وقوع قتلى، ومع القليل من الجرحى، وتسمح بحرية العبادة لليهود والمسلمين في ظروف لا يوجد أصعب منها. لكن يُحتمل جدًا أن الحدث الرئيسي ما يزال أمامنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى