اخبار الإمارات

التنمّر يهدد الطلبة.. و«الإمارات للتعليم» تصنّفه سلوكاً خطراً

ت + ت الحجم الطبيعي

شكا أولياء أمور من تنامي سلوكيات التنمر بالمدارس الحكومية والخاصة، داعين الإدارات المدرسية إلى تفعيل لائحة السلوك المعتمدة من مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي بشأن تلك الظاهرة، خصوصاً أن الدولة تنبهت مبكراً للتنمر، وعمدت من خلال العمل المؤسسي على تطويقه.

وأكدوا أن تلك السلوكيات باتت من أسباب تراجع التحصيل الدراسي لأبنائهم، وعدم رغبتهم في الذهاب للمدرسة، فضلاً عن إصابة العديد منهم بالاكتئاب والعزلة وربما عواقب أخطر.

وأفادوا بتعرض أبنائهم بصورة يومية للتنمر، وتحديداً اللفظي، دون أن يقابل ذلك إجراءات فاعلة من المدارس، معللين ذلك بأنها «تصرفات أطفال».

وطالبوا بتدريب التربويين، وتبصيرهم بأهمية عدم تجاهل حالات التنمر، محذرين من تحول بعض المتنمرين وجنوحهم نحو العنف، في ظل تراجع بعض إدارات المدارس عن القيام بدورها.

«البيان» حرصت على استعراض ذلك الملف الحيوي مع مختلف الجهات المعنية، للوقوف على الأسباب الحقيقة لتلك المشكلة، ومن ثم توفير الحلول اللازمة لها.

وصنفت مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي التنمر ضمن السلوكيات الخطرة، التي تكبد مرتكبها 12 درجة، محددة 7 آليات للتعامل مع المتنمرين، تضمنت إيقافهم عن الدراسة، وتشكيل لجنة داخلية لاتخاذ القرارات المناسبة.

كما تضمنت اللائحة تحويل الطالب لجهة تقويم السلوك لمدة لا تزيد على ثلاثة أسابيع، في حال ارتكاب المخالفة للمرة الأولى، فضلاً عن استدعاء ولي الأمر، وتوقيعه على القرار، ومتابعة واستلام تقارير تطور حالة الطالب من قبل الجهة المختصة.

وفي حال تكرار المخالفة، يخصم منه 12 درجة أخرى، مع إعادة اتخاذ كافة الإجراءات السابقة، وفي حال عدم تغير السلوك، يُنقل الطالب إلى مدرسة أخرى تأديباً.

وفي سياق متصل، حذر تربويون ومتخصصون من تداعيات انتشار التنمر في المؤسسات التعليمية، داعين إلى التصدي للظاهرة بشكل جاد وفعال، من خلال إطلاق حملات توعوية وتثقيفية، تسلط الضوء على المخاطر و الوقاية ، وتشجيع الأطفال والشباب على التحدث عن المشكلات التي تواجههم، والإبلاغ عن الحالات.

و شكت ولية أمر طالبة بالصف الرابع من تعرض ابنتها بصورة شبه يومية إلى التنمر، وتحديداً اللفظي، دون أن تتخذ إدارة المدرسة أي إجراء فاعل وحاسم، وعللت»الاخيرة» ذلك بأنه «تصرفات أطفال».

ولفتت إلى أهمية تدريب العاملين بالمدارس على كيفية التعامل مع حالات التنمر وعدم تجاهلها، محذرة من جنوح بعض المتنمرين نحو العنف المنظم.

سوء الحالة النفسية

و ذكرت ولية أمر طالبة في الصف السادس أن ابنتها تتعرض للتنمر من قبل زملاء لها، لكونها مريضة بالسكري، مشيرة إلى تقديمها أكثر من شكوى، بعد أن ساءت الحالة النفسية لابنتها، ووصلت لحد فقدان الرغبة في الذهاب إلى المدرسة، غير أنها لمست تجاوباً غير مرضٍ، وفقاً لتعبيرها، وكانت مبررات المدرسة أن المشتكى بحقهم أطفال.

ودعا ولي أمر طالب بالصف الخامس الإدارات المدرسية إلى تفعيل الإجراءات التي اعتمدتها مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي بشأن تلك الظاهرة، التي باتت من أسباب تراجع التحصيل الدراسي لابنه، الذي تعرض للتنمر اللفظي أكثر من مرة، دون اتخاذ إجراء حاسم من إدارة المدرسة.

وأردف بأن ابنه أعلن عدم رغبته في الذهاب للمدرسة، بعدما أصيب بحالة من الاكتئاب والعزلة، مؤكداً أنه يخضع حالياً للعلاج النفسي للتعافي من حالات التنمر التي تعرض لها أكثر من مرة.

آفة اجتماعية

الخبير التربوي يوسف الحوسني، وصف التنمر بشقيه المحسوس والإلكتروني بـ «آفة المجتمع»، التي ينبغي التكاتف المجتمعي لاجتثاثها، تحديداً في المؤسسات التعليمية، نتيجة لسرعة انتشاره بين صفوف الطلبة، وعبر وسائل التكنولوجيا الحديثة والمتطورة.

وحذر من اللجوء إلى الصمت في حال التعرض إلى التنمر، أياً كان شكله، لفظياً أو نفسياً، والتنمر العاطفي والجسدي «الأكثر شيوعاً بين الطلبة في مراحل سنية صغيرة»، والعمل على اتخاذ موقف أكثر إيجابية وحلول فورية، لا سيما مع ظهور ما يعرف «التنمّر الإلكتروني».

عزلة وانتحار

وحذرت هيام أبو مشعل المستشارة النفسية والأسرية من مخاطر نفسية واجتماعية وصحية خطيرة، تطال الأشخاص المتعرضين للتنمر، كالعزلة الاجتماعية والتشاؤم والاكتئاب، وقد يصل الأمر إلى الإقدام على الانتحار في بعض الحالات الشديدة، كما يمكن أن يؤدي إلى العنف المفرط، سواء من الشخص المتعرض للتنمر، أو من المتنمر نفسه.

وأشارت إلى أن التصدي للتنمر يحتاج إلى تطوير برامج تدريبية للمدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية والخاصة، لغايات تعزيز مهارات المعلمين والمربين في التعامل مع حالات التنمر، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص الذين يعانون منه، لافتة إلى أنها واجهت العديد من حالات التنمر، وأن أفضل طريقة للتصدي لهذه المشكلة، هي التوعية والتثقيف حول مخاطرها، وكيفية التعامل معها.

وتابعت: يمكن تحقيق ذلك عن طريق توفير المعلومات والأدوات اللازمة للأشخاص، للتعرف إلى علامات التنمر، والتصرف في المواقف المختلفة، والتحدث مع الأشخاص المتعرضين للتنمر، وتقديم الدعم النفسي والإرشادات اللازمة لهم، إضافة إلى تشجيعهم على الإبلاغ عن حالات التنمر، والتحدث إلى المسؤولين المختصين للحصول على المساعدة اللازمة.

وشددت على الدور المحوري للمدارس والمؤسسات الحكومية والخاصة في التصدي للتنمر، عن طريق إقرار سياسات وإجراءات صارمة لمكافحة الظاهرة، وتوفير الدعم اللازم للأشخاص الذين يعانون منها، وتشجيع الأطفال على الإبلاغ عن حالات التنمر، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم، كما يجب أن تعمل المجتمعات على تعزيز القيم الإنسانية، مثل الاحترام والتسامح والتعاون، وتشجيع الحوار البناء بين الأطراف المتورطة في حالات التنمر.

ومن الحالات التي واجهتها كمستشارة أسرية ونفسية، أوضحت أن هناك حالات عديدة للتنمر في المدارس والأسر، وكان من الصعب على الأطفال التحدث عن المشكلات التي تعترضهم، بيد أنه تمت مساعدتهم عن طريق توفير المساعدة النفسية والاجتماعية، والإرشادات اللازمة للتعامل مع المواقف المختلفة، وتشجيعهم على الإبلاغ عن الحالات، والتحدث إلى المسؤولين المختصين، للحصول على المساعدة اللازمة.

وتطرقت إلى تعاملها مع طفل كان يتعرض للتنمر، ويعاني من اضطرابات نفسية وسلوكية، وكان يتفادى الذهاب إلى المدرسة، تم التجاوب مع الحالة بشكل فوري، وتقديم الدعم النفسي للطفل وأسرته، وتوفير المعلومات والأدوات اللازمة للتعامل مع حالته، وتحفيزه على التحدث عن مشاكله، والإبلاغ عن حالات التنمر، وبعد فترة قصيرة، تحسن الطفل، وتمكن من التعامل مع المواقف المختلفة بشكل أفضل، وعاد إلى المدرسة واكتسب الثقة بنفسه.

دعم نفسي

وشددت المستشارة التربوية والأسرية على ضرورة تكاتف الجهود المجتمعية للعمل معاً للتصدي لمشكلة التنمر، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي اللازم للأشخاص المتعرضين لهذه المشكلة، والالتزام بتعزيز القيم الإنسانية والاحترام والتسامح والتعاون، والتحدث عن المشكلات التي يواجهها الأشخاص، والعمل على تحسين الظروف المحيطة بهم، وضرورة تضافر الجهود من الأهل والمختصين، وكل من له علاقة للمساعدة في التقليل من تعرض أبنائنا إلى التنمر، والمحافظة على صحتهم النفسية.

حوار واحتواء

ولفتت هبة الله محمد اختصاصية اجتماعية، إلى أهمية الحوار والاحتواء الأسري في حالة التعرض لأي نوع من أنواع التنمر، سواء النفسي أو الجسدي أو اللفظي، مؤكدة أنه في حالة تعرض أي شخص، وخصوصاً الأطفال، للسخرية بين أفراد الأسرة والإخوة والأخوات، سيتعرض لمخاطر عدة من الآخرين، من الاستغلال والاستهزاء.

وحذرت من هذا السلوك الخاطئ، الذي يؤدي إلى انعزال الطفل وابتعاده عن التفاعل مع الآخرين، والانطواء والاكتئاب، وتملكه مشاعر مضادة للآخرين والمجتمع، لأنه في أغلب الحالات يتحول المعتدى عليه إلى معتدٍ، ويكون أقوى في إيذاء الآخرين.

وذكرت أن التصدي يكون بتضافر الجهود، بدءاً من الأسرة، من خلال اهتمام ومتابعة وحوار فعال لدعم ثقة الأبناء في أنفسهم، وتعلم أحد رياضات الدفاع عن النفس، أما المدرسة، فأكدت أهمية أن يكون لديها خطة متكاملة من الوقاية، خاصة في الجانب الإلكتروني، الذي يشغل مساحة كبيرة من تفكير الأطفال ومؤسسات المجتمع، إضافة إلى الإعلام الجديد، ألا وهو مواقع التواصل الاجتماعي، مع التوعية اللازمة لتوضيح ومتابعة ذلك، ويتم بمعالجة المتنمر والمتنمر عليه والمتفرج، فكل منهم يحتاج لمتابعة وأسلوب علاج.

سلوك عدواني

من جانبه، أفاد المحامي علي مصبح بأن بعض الجرائم يكون سببها تنمر الجانح على زملائه، لكون التنمر سلوكاً عدوانياً متعمداً، يهدف إلى الإضرار بالشخص الآخر، سواء جسدياً أو نفسياً، وتغلب عليها حالات الاعتداء الجسدي بالضرب أو الضرر الجسدي غير المباشر.

وأردف أن هذا السلوك هو الشائع بين الأحداث، حيث يحاول الحدث الجانح المتنمر ابتزاز زميله المعرض للتنمر أمام أصدقائه، كناية عن القوة والسيطرة.

وأشار إلى أن ردة فعل الحدث الذي يتعرض للتنمر، قد تكون فورية، أو تتأخر وتتراكم لديه مشاعر الانتقام، وهو ما حدث بإحدى الدول، حيث أقدم طالب على قتل ثلاثة من زملائه، نتيجة تنمرهم عليه.

وقال: إذا افترضنا أن الحدث الجانح تنمر على زميله بالاعتداء بالضرب، وسبّب له إصابات معينة، فتكون مدة عقوبة الحبس التي يحكم بها على الحدث الجانح، نصف الحد الأقصى المقرر للعقوبة الأصلية، مشيراً إلى وجود تدابير تأديبية لمؤسسة الأحداث، مثل التوبيخ، الإنذار، الحرمان من بعض المزايا، الحرمان من إذن الزيارة، العزل الاجتماعي.

من جانبها، أفادت الدكتورة مروة علي مهبأ رئيس قسم اللغة العربية بمدرسة «جى إس إس الخاصة»، أن ضحية التنمر يكون في العادة طفلاً مهملاً في المنزل، أو يكون عرضة لعنف أسري وتربية خاطئة.

وأوضحت أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت وسيلة مساعدة، وسبباً رئيساً في دفع الطلبة للتنمر، وتشير الدراسات إلى تعدد أشكال التنمر الإلكتروني، لتشمل السخرية والتهديدات والإهانات.

واعتبرت التنمر واحداً من بين أخطر المشاكل، تحديداً في مرحلة الطفولة المبكرة، لكون الضحية قليل الخبرة، ولا يملك القدرة على مواجهة التحديات المحيطة بمفرده، وعليه، ترى حاجة ماسة لدور الأهالي في تنوير أبنائهم، وإثراء مخزونهم المعرفي، وتوعيتهم بكيفية التصرف إزاء التنمر، في حال تعرضوا له.

نظام للإبلاغ

من جانبها، كشفت سارة أمهز مديرة أولى بقسم حماية الطفل التابع لمجموعة جيمس للتعليم، عن اعتماد المجموعة لنظام متكامل ومطور، يستطيع من خلاله الموظفون وطلبة المدرسة الإبلاغ عن أي شكوى تتعلق بالتنمر المباشر، أو عبر شبكة الإنترنت، مؤكدة أن الهدف من ذلك النظام، هو توصيل صوت الطلبة للجهات المختصة بالمدرسة بشكل فوري، في حال تعرضهم للتنمر.

وأشارت إلى تعيينهم مسؤولاً للصحة النفسية بكل مدرسة تابعة للمجموعة، بهدف ضمان سلاسة سير عملية الإبلاغ، والتعامل معها، ونشر التوعية اللازمة، بهدف التصدي لتلك الظاهرة، إلى جانب المبادرات والبرامج المبتكرة التي يقودها الطلاب، وحملات التوعية على مستوى المدارس والأنشطة المصممة لتقديم الدعم.

واعتبرت «المبادرات» مساحة آمنة للطلاب للتعبير عن مشاعرهم، والاستفادة من دعم أقرانهم ومستشاري المدرسة، الذين يبدون تفاعلاً فورياً، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على زيادة الثقة بالنفس، والارتقاء بتجربتهم التعليمية.

ولفتت أمهز إلى أن المدارس تتعامل مع حالات التنمر عبر الإنترنت، من خلال إشراك الأطفال وأولياء أمورهم والموظفين المعنيين في حملات التوعية، لافتة إلى أن مدارس جيمس تمتلك نظاماً موحداً للتعامل مع مشكلات الأمن السيبراني.

وأشار أكرم طارق مدير مدرسة جيمس فاوندرز المزهر، إلى حرصهم الدائم على تمكين الطلبة من خلال تطوير مهاراتهم، وتشجيع ثقافة التواصل بين المعلمين والطلبة وذويهم، بحيث يكون هناك حديث مفتوح عن أي مخاوف أو شكاوى، مع تشجيع الاستخدام الإيجابي والآمن للتكنولوجيا.

وأوضح أنهم ينفذون استراتيجيات تهدف إلى منع حدوث التنمر في المقام الأول، إلى جانب عدم التهاون في حالة حدوثها، من خلال تفعيل خاصية الإبلاغ المطبقة في مجموعة مدارس جيمس، مؤكداً أهمية تدريب الكادر التعليمي ليكون على دراية كاملة بمسؤوليته، والاستجابة بشكل مناسب حسب الحالة.

6 قوانين ملزمة

عممت مدارس حكومية وخاصة 6 قوانين رقمية على الطلبة، وألزمتهم بها عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أهمية الالتزام بالمواطنة الرقمية، وهي مجموعة من الضوابط والمعايير الرقمية التي تساعد على الاستخدام الأمثل للموارد الرقمية وتقويمها، وعلى التوجيه نحو المنافع والحماية من مخاطرها المحتملة من خلال التوعية المبكرة.

وتتمثل القوانين في الوعي بعدم مشاركة المحتوى الرقمي، الذي يحمل حقوق طبع ونشر مع الآخرين، وعدم الإشارة لمصدر المحتوى الرقمي عند الاستفادة منه، واحترام الآخرين على شبكة الإنترنت، وعدم الإساءة لهم أو التعدي على حقوقهم، علاوة على زيادة الوعي بعدم تبادل المحتوى الرقمي المنافي للعادات والتقاليد، والابتعاد عن اختراق الأنظمة والحواسيب الخاصة بالأفراد أو المنظمات، وعدم استخدام برامج القرصنة أو سرقة هوية أشخاص آخرين.

 


تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى