اخبار الإمارات

تضخم الخدمات يشجع متشددي المركزي الأوروبي على مقاومة خفض الفائدة

ت + ت الحجم الطبيعي

ازدادت حماسة صانعي السياسة المتشددين في البنك المركزي الأوروبي، على مقاومة دعوات الخفض الفوري لأسعار الفائدة، بعدما تثبتوا أن التضخم في فبراير فاق توقعاتهم.

وقبل أشهر قليلة، كان المستثمرون يراهنون أن المركزي الأوروبي سيخفض تكاليف الاقتراض في أقرب وقت من هذا الشهر، بتشجيع من سرعة تراجع التضخم في منطقة اليورو من ذروة فاقت 10 %، إلى ما دون 3 %. لكن تلاشت هذه التوقعات خلال الأسابيع الأخيرة، مع تلميح صانعي السياسة في المركزي الأوروبي، إلى عدم تعجلهم في تيسير السياسة النقدية، رغم التراجع السريع لمؤشر زيادة أسعار المستهلكين، واستمرار الركود في اقتصاد منطقة اليورو.

وعززت بيانات تضخم الكتلة الأوروبية التي صدرت منذ أيام، وكشفت تراجعاً دون المتوقع من 2.8 % في يناير إلى 2.6 % في فبراير، تصميم صانعي السياسة المتشددين في المركزي الأوروبي على مقاومة ضغوط خفض أسعار الفائدة.

وقال روبرت هولزمان المحافظ المتشدد للمركزي النمساوي: «لقد شاهدنا بيانات التضخم على المستويين الأوروبي والوطني، وما نراه هو أنها تؤكد وجهة نظري بأن علينا الانتظار، وأن نكون منتبهين، فلا يمكننا التسرع في اتخاذ القرار». ويبدو أن بعض الحمائم من واضعي أسعار الفائدة، باتوا متصالحين مع نهج الانتظار والترقب بشأن خفض تكاليف الاقتراض، وهو ما أكده تعليق يانيس ستورناراس محافظ المركزي اليوناني، الأسبوع الماضي، بأن مثل هذه الخطوة يجب أن تتم «في موعد لا يتجاوز يونيو».

وأشار خبراء اقتصاد إلى أن استمرار ارتفاع التضخم بقطاع الخدمات، هو العامل الذي يجعل واضعي أسعار الفائدة يشعرون بالقلق من مخاطر خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر جداً. وارتفعت أسعار الخدمات في منطقة اليورو بنسبة 3.9 في المئة في فبراير، بانخفاض طفيف عن ارتفاعات متتالية بنسبة 4 % في كل من الأشهر الثلاثة السابقة.

وذكر ماركو فالي كبير خبراء الاقتصاد الأوروبيين في بنك يونيكريديت الإيطالي، أن ثبات رقم التضخم في قطاع الخدمات «سيشجع العديد من أعضاء مجلس الإدارة الذين يدعون إلى الصبر، ما يجعل أي خفض للفائدة قبل يونيو أمراً غير مرجح بالمرة». أما توماش فيلاديك الخبير الاقتصادي لدى «تي رو برايس» للاستثمار، فقال إن ارتفاع تضخم منطقة اليورو على أساس شهري إلى 0.6 % في فبراير، كان «علامة مقلقة للغاية»، لكونها الوتيرة الأسرع منذ أبريل الماضي.

ودفعت البيانات الصادرة الأسبوع الماضي، الكثير من المحللين، بما في ذلك المحللين في «باركليز» و«جولدمان ساكس»، إلى إرجاء توقعاتهم بشأن موعد بدء المركزي الأوروبي خفض الفائدة، من أبريل إلى يونيو. كذلك فإن بيانات التضخم الأمريكي الأخيرة التي فاقت التوقعات، وكذلك التلميحات الأكثر تشدداً من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تمنح مسؤولي المركزي الأوروبي مزيداً من الثقة في ضرورة التمهل قبل خفض الفائدة.

وقال مارتن وولبرغ الخبير الاقتصادي في جنرالي إنفستمنتس الإيطالية، إن المركزي الأوروبي سيرغب في «الحد من مخاطر الوقوع في خطأ حدوث مفاجأة تصاعدية للتضخم، خاصة أن الفيدرالي صار أكثر تشدداً في الآونة الأخيرة». ويتوقع أن يكرر صانعو السياسة في المركزي الأوروبي هذا الأسبوع، قلقهم من أن تسارع نمو قد يبقي على استمرار الارتفاع السريع في الأسعار بقطاع الخدمات كثيف العمالة، وهو أمر مهم بشكل خاص، لأنه يشكل 45 % من كافة الأسعار المستخدمة في حساب التضخم.

وتباطأت الزيادات السنوية للأجور المتفاوض عليها جماعياً، والتي تغطي غالبية العمال في منطقة اليورو، من مستوى قياسي مرتفع عند 4.7 % في الربع الثالث إلى 4.5 % في الربع الرابع من العام الماضي. لكن هذا لا يزال أعلى بكثير من مستوى 3 في المئة الذي يقول البنك المركزي الأوروبي إنه ضروري للوصول إلى هدف التضخم البالغ 2 في المئة.

وتُعد قوة سوق العمل في منطقة اليورو، في ضوء بقاء البطالة عند مستوى قياسي منخفض بلغ 6.4 % في يناير، عاملاً محورياً وراء النهج المتمهل للمركزي الأوروبي، في ما يتعلق بتيسير السياسة النقدية، بعد أن رفع معدل الفائدة الأساسي لأعلى مستوى له على الإطلاق عند 4 %، العام الماضي. وأشارت كاثرين نيس كبيرة خبراء الاقتصاد الأوروبيين لدى «بي جي آي إم» للدخل الثابت، إلى أن «المهم هنا هو استمرار مرونة سوق العمل»، موضحة أن أي بادرة لتدهور الوضع بحدة، مع ارتفاع معدلات البطالة واحتمالات الإفلاس، سيدفع البنك المركزي الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات استباقية في خفض الفائدة، ليس فقط مبكراً، ولكن بقوة.

من ناحية أخرى، يناشد بعض الساسة الأوروبيين، المركزي، فعل المزيد لإعطاء دفعة لاقتصاد منطقة اليورو المتعثر، الذي أصابه الجمود في الربع الرابع، بعد ركوده غالبية العام الماضي. ودعا وزيرا المالية الإيطالي والبرتغالي، إلى خفض سريع لتكاليف الاقتراض في اجتماعات مجموعة العشرين بمدينة ساو باولو. وقالت أناليزا بياتسا محللة أبحاث الدخل الثابت لدى «إم إف إس إنفستمنت مانجمنت»، أن «الأوضاع مواتية في الوقت الراهن لخفض الفائدة». وأضافت: «لكني أتوقع مواصلة المركزي الأوروبي التأكيد على الحاجة لرؤية المزيد من بيانات الأجور، ما أعتقد أنه غير ضروري حقاً».

لكن رغم التشاؤم واسع النطاق بشأن الضعف الاقتصادي في معظم أنحاء أوروبا، خاصة في ألمانيا، إلا أن هناك بعض المؤشرات على انتعاش ناشئ، وهو المرجح أن يستغله مسؤولو المركزي الأوروبي المتشددون، باعتباره دليلاً إضافياً على وجوب عدم تعجلهم في تيسير السياسة النقدية. وتتضمن هذه المؤشرات الضعيفة ترقية لتقديرات الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع لكل من فرنسا وإيطاليا، ما يشير إلى أن رقم النمو الإجمالي في منطقة اليورو، قد يتم تعديله صعوداً إلى المنطقة الإيجابية.

وبعد أن تعرض لانتقادات واسعة النطاق، لأنه كان بطيئاً للغاية في البدء في رفع أسعار الفائدة، استجابة لأكبر ارتفاع في التضخم منذ جيل في عام 2022، يبدو أن البنك المركزي الأوروبي الآن، مصمم على أخذ وقته قبل تخفيف السياسة لتجنب الوقوع على خط النار مرة أخرى.

تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى