اخبار الإمارات

استكمال بايدن لبناء الجدار الحدودي يصب في مصلحة ترامب

يبدو الأمر مثيراً للسخرية، إذ كيف يمكن وصف تصريح الرئيس جو بايدن الأخير ببناء 20 ميلاً جديداً من «جدار ترامب الحدودي»، على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة؟ هذا ما ستراه قاعدة الرئيس السابق على أنه اعتراف بالهزيمة من جانب الديمقراطيين في تأمين الحدود.

ولماذا لا يعتقدون ذلك؟ عندما كان بايدن يقوم بحملته الانتخابية للرئاسة، وعد بأنه لن يتم بناء «متر آخر من جدار ترامب الحدودي». وأوقف بناء الجدار في أول يوم له في منصبه، بإعلان جاء فيه أن «بناء جدار ضخم يمتد على الحدود الجنوبية بأكملها ليس حلاً سياسياً جدياً، بل هو هدر للمال يصرف الانتباه عن التهديدات الحقيقية لأمننا الداخلي».

والآن، تستعد الحكومة الأميركية لإنفاق ما يقرب من 200 مليون دولار على 20 ميلاً من الجدار الحدودي في وادي ريو غراندي. وتقول الإدارة إنها اضطرت إلى ذلك لأن الكونغرس خصص 1.375 مليار دولار لمثل هذه الحواجز الحدودية في عام 2019، ويجب صرف الأموال المتبقية بحلول نهاية السنة المالية. ولكن الديمقراطيين كانوا يسيطرون على الكونغرس خلال العامين الأولين من إدارة بايدن. وكان بإمكانهم إعادة تخصيص تلك الأموال. وبدلاً من ذلك، تبدو هذه الإدارة الديمقراطية الآن، أشبه بالإدارة السابقة إلى حد كبير. وجاء في الإشعار الموجود بالسجل الفيدرالي: «هناك حاجة ماسّة وفورية إلى بناء حواجز وطرق بالقرب من حدود الولايات المتحدة من أجل منع الدخول غير القانوني».

ويُعدّ هذا فشلاً سياسياً للديمقراطيين في واحدة من أهم قضايا انتخابات 2024 التي تلوح في الأفق. وهو فشل سياسي كبير أيضاً. فمن ناحية، فإن الجدار الحدودي الذي أطلق عليه ترامب اسم «رولز رويس للحواجز» لا يعمل. ووفقاً لصحيفة «واشنطن بوست»، تظهر سجلات الجمارك وحماية الحدود الأميركية أن الجدار قد تم اختراقه أكثر من 3000 مرة، حيث يمكن التسلل من خلاله بسهولة باستخدام أدوات مختلفة. والذي يمكن أن يخترق جداراً يبلغ ارتفاعه 30 قدماً هو ببساطة سُلم. وكما يقوم المهربون بشكل روتيني برفع الأشخاص فوق الجدار وإنزالهم على الجانب الآخر بالحبال. وكان عضو الكونغرس الديمقراطي عن ولاية تكساس، هنري كويلار، على حق عندما قال: «إن الجدار الحدودي هو حل القرن الـ14 لمشكلة القرن الـ21».

وتَعِد السياسة المعلنة حديثاً من قبل إدارة بايدن، بأن تكون بمثابة فشل بيئي مدمر أيضاً. ولماذا تنازلت الإدارة عن 26 قانوناً فيدرالياً تتضمن حماية البيئة والهواء النظيف ومياه الشرب الآمنة والأنواع المهددة بالانقراض عند اتخاذها لهذه السياسة الفاشلة؟ ومَن الذي أجبرها على اتخاذ هذا الموقف؟ وقد أقرّ الكونغرس بالتنازل عن هذه الحماية، والتي تُسمى «قانون السياج الآمن»، في عام 2006، لكن بايدن سيكون أول رئيس ديمقراطي يستخدم هذا القانون، وقد تكون التأثيرات غير قابلة للاسترداد.

وتُعدّ مقاطعة ستار بولاية تكساس، وهي المنطقة المخصصة للجدار الجديد، جزءاً من محمية وادي ريو غراندي الوطني السفلي، وهو موطن لحيوانات القط البري المهددة بالانقراض، ونوعين على الأقل من النباتات المهددة بالانقراض. وفي حين أن الحواجز الفولاذية للجدار قد تكون قابلة للاختراق من قِبل مهربي البشر، فإن مسارات هجرة الثدييات الأكبر حجماً ستُغلق بواسطة الحاجز.

وصرح لايكن جوردال، وهو مدافع عن الحفاظ على البيئة في الجنوب الغربي لمركز التنوّع البيولوجي، بأن بناء الجدار الجديد هذا «سيوقف هجرة الحياة البرية عبر مساراتها، وسيدمر كمية كبيرة من أراضي الحياة البرية»، متابعاً: «إنها خطوة مروعة إلى الوراء بالنسبة للمناطق الحدودية».

ويمثل هذا الجدار الجديد الرهيب فشلاً إنسانياً من جانب هذه الإدارة. ولا ينكر أحد أن أعداد الأشخاص الذين يلتمسون اللجوء على الحدود هائلة، وأن حل هذه القضية يشكل تحدياً كبيراً للحكومة.

وما لا يدركه معظم الأميركيين هو أن كثيراً من سياساتنا الحدودية الأوسع نطاقاً، بما في ذلك الجدران الحدودية، ورحلات الترحيل السريعة، وسجون الهجرة الخاصة، ومنع معظم طالبي اللجوء من العمل وغير ذلك، غالباً ما تعمل على تمكين التهريب، وسوء المعاملة أكثر من الحد منها.

ويجب إيلاء اهتمام أكبر لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة البشرية. ويشكل الفنزويليون، الآن، ثاني أكبر مجموعة (بعد المكسيكيين) تعبر الحدود الجنوبية، ولكن بدلاً من رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على فنزويلا منذ عام 2006، أعلنت الإدارة بدلاً من ذلك أنها ستستأنف رحلات الترحيل إلى فنزويلا. ولكن من الواضح أن رفع العقوبات من شأنه أن يساعد في تخفيف سبب واحد مهم على الأقل من أسباب الهجرة، في حين أن ترحيل الأشخاص بسرعة، في أفضل الأحوال، لا يعالج سوى أحد الأعراض.

ولا يمكن لإدارة بايدن أن تسير في كلا الاتجاهين، ولا يمكن أن تكون ضد الحائط وتجادل لبنائه في الوقت نفسه. وهذه ليست مجرد سياسة سيئة، بل إنها سياسة تدمر نفسها بلا داع في وقت يدمر فيه الجمهوريون أنفسهم عمداً. ومن المؤكد أن مثل هذه السياسة لن تكسبهم مزيداً من الأصوات أو تعيد انتخابهم. ويبدو الأمر كما لو أن الديمقراطيين يقدمون لترامب ومؤيديه الهدايا، ويطلبون منا أن نشاهد، ما يثبت أننا في بعض الأحيان نكون أسوأ أعداء لأنفسنا.

• 200 مليون دولار ستنفقه الحكومة الأميركية على 20 ميلاً من الجدار الحدودي.

• 3000 مرة تم اختراق الجدار الحدودي منذ إنشائه.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى