اخبار

وحدة المعركة عربيّاً وإقليميّاً ودوليّاً.. هل بدأنا رحلة الاستقلال العربي الحقيقية؟

مخطىء إلى حدّ الجهل من يظّن أن لا ترابط بين ما يجري اليوم في أنحاء متفرقة من العالم، وبين ما يجري داخل الولايات المتحدة الأمريكية من تناقضات سياسية وصلت حتى الى الدولة العميقة, واضطرابات مصرفية واجتماعية وعرقية, وشعور الادارة بتراجع سيطرتها المطلقة على عالم اعتقدت على مدى ثلاثة عقود أنها أصبحت القوة الوحيدة المهيمنة عليه بعد سقوط الاتحاد السوفياتي واحتلال العراق..

      فما يجري من بطولات في معركة “ثأر الأحرار” التي دخلت يومها الخامس، ومن انفراجات في العلاقات العربية – العربية، خصوصاً تجاه سورية، وبما يشي بتنامي روح التمرد والاستقلال العربي عن الوصاية الأمريكية، وبدء صفحة جديدة في العلاقات مع إيران، والإفراج عن الرئيس الباكستاني السابق عمران خان بعد انتفاضة الجماهير الباكستانية ضد سجنه، وهو الرئيس المعروف بنهجه الاستقلالي عن الإملاءات الأمريكية، واحتمالات فوز رجب طيب أردوغان بانتخابات الرئاسة التركية، رغم الحرب الأمريكية – الأوروبية الواضحة عليه، ناهيك عن فشل المشروع الأمريكي – الأوروبي في استنزاف روسيا من خلال الحرب في أوكرانيا، وبروز التحالف الروسي – الصيني بكل تجلياته، كلها أمور تؤكّد أن العالم يدخل عصراً جديداً، هو عالم التعددية ليس بين قطبين أوثلاثة، كما قد يظّن البعض، بل بين قوى دولية  وإقليمية لم يعد ممكناً تجاهلها.

وكما أخطأ نتنياهو كثيراً في حساباته الداخلية يخطئ اليوم أيضاً في عدوانه الأخير على غزّة، وتحديداً على حركة الجهاد الإسلامي، لأنه من الصعب على عنصري وفاشي واستعماري مثله ومثل زملائه المتعصبين، أن يدرك القوة الكامنة في شعوب قرّرت أن تحرّر بلادها وقرارها.
فهل يستدرك آخرون في منطقتنا والعالم أخطاءهم ويتراجعوا عن مواقفهم المتصلّبة الجاهلة لأبسط ما يجري في عالم اليوم، وهل يساهموا ببناء عالم جديد يتغيّر ويتكوّن وفق مبادىء احترام إرادة الشعوب  التي تزداد قوة كلما تكاملت وتوحدت,
وهل يتأكّد الحكام العرب الذين سيلتقون في 19 الجاري في قمة الرياض أن الطريق الوحيد لإخراج أمّتنا من حال الانقسام والاحتراب والوهن يكمن في سلوك طريق الاستقلال العربي عن الهيمنة الأمريكية والاسعماؤية، وفي اعتماد سياسة التضامن العربي لمواجهة التحديات على أنواعها، وفي تبني سياسة العودة إلى ثوابت الصراع مع العدو الصهيوني انتصاراً لأبطال فلسطين ومجاهديها والتي اقرتها قمة الخرطوم عام 1967 ، وإدراكاً للمصالح العليا للأمّة العربية وكل أقطارها المدعوّة للتشبيك فيما بينها، وللتكامل مع دول جوارها الحضاري، وللتفاعل مع القوى الجديدة الصاعدة في العالم.
كاتب عربي لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى