اخبار الإمارات

الطبقة الاجتماعية ووظائف الحي المالي

ت + ت الحجم الطبيعي

اختر والديك بعناية، لأن القرار «أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى»، هذا ما قاله بول جونسون، مدير معهد الدراسات المالية، في «تغريدة» ساخرة، عبر حسابه على تويتر «إكس» في الوقت الذي أطلقت فيه مؤسسته البحثية الشهر الماضي تقريراً مثيراً للقلق حول أوضاع الحراك الاجتماعي، ومنذ أن سلط الوباء الضوء على عدم المساواة في المملكة المتحدة، بل وزاد من حدتها، أصبحت العوائق التي تواجه شباب الطبقة العاملة على رأس أولويات من يعنيهم الشأن العام.

تكتسب فكرة تحطيم «الحواجز الطبقية» لتحقيق مصلحة الأمة والاقتصاد زخماً كبيراً، بما في ذلك الخطاب، الذي ألقاه زعيم حزب العمال السير كير ستارمر الأسبوع الماضي، والذي أكد أن جذوره تعود إلى الطبقة العاملة، لذا فإن غياب الأطروحات الجادة بشأن الطبقات الاجتماعية عن المناقشات الجديدة، التي تجريها هيئة السلوك المالي حول التنوع والشمول سوف يفاجئ البعض في مدينة لندن.

تنص مناقشات هيئة السوك المالية بشكل لا لبس فيه على أن التنوع والشمول مدرجان على قائمة الاهتمامات التنظيمية، وكذلك تقترح تدابير، من شأنها التركيز على خصائص، تتمتع بالحماية بموجب قانون المساواة، ولا يشمل ذلك الخلفية الاجتماعية والاقتصادية، ولكنه يغطي النوع والعرق والإعاقة والميول الجنسية، وتقترح الهيئة على نحو سليم استراتيجيات إلزامية، وجمعاً للبيانات، وتحديداً للأهداف، وإعداد التقارير المرحلية حول هذه القضايا للشركات الكبيرة الخاضعة للتنظيم.

وتعد هذه الإصلاحات إجراءات سليمة ليس من الناحية الأخلاقية فحسب، بل إنها مفيدة لأنشطة الأعمال أيضاً، حيث يتحقق ما أسمته الهيئة «الحماية من التحيز الجماعي»، وضمان اجتذاب «مجموعة أكبر من المواهب البشرية»، وذلك وفق ما أعلنته الشهر الماضي، ولكن يجب على الهيئة أيضاً أن تذهب إلى أبعد من ذلك، وتلتزم بالإفصاح الإلزامي عن الخلفية الاجتماعية والاقتصادية، نظراً لأن الطبقة الاجتماعية تتقاطع مع جميع القضايا الأخرى، حيث يلاحظ مثلاً أن الطلاب ذوي الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا، الذين يحصلون على شهادات جامعية بأعلى الدرجات، أقل احتمالاً في الحصول على الوظائف العليا من أقرانهم الأكثر تميزاً اجتماعياً، والذين لم يحققوا سوى معدل بنسبة 2:2.

ويتمثل أحد الحلول في تسهيل عملية الالتحاق بالمسارات المهنية الجيدة، لذلك تدعم «أب ريتش» كل عام 3000 طالب جامعي من خلفيات اجتماعية واقتصادية بسيطة، لتأمين التحاقهم بالوظائف العليا والنجاح فيها، بما في ذلك وظائف الشركات الكبرى بالحي المالي، وتعد شبكة علاقات المؤسسة مع أصحاب العمل أمراً حيوياً، حيث ينشر بعضهم بالفعل بيانات اجتماعية واقتصادية، وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم إلقاء الضوء على قاعدة الأدلة حول الطبقة الاجتماعية في الحي المالي في تقرير بعنوان «تشكيل الاقتصاد»، وهو أحدث تقرير صادر عن منظمة «بروجرس توجيذر»، التي يرأسها عمدة المدينة السابق اللورد فنسنت كيفيني، ومجموعة بريدج، ووجدت الدراسة أن «الخلفية الاجتماعية والاقتصادية غالباً ما تؤثر على مسار نجاح الشخص في مجال الخدمات المالية أكثر من تأثير الجنس أو العرق».

ومن المثير للقلق أن نساء الطبقة العاملة يعانين على ما يبدو من عوائق مزدوجة، كما تعاني النساء من الأقليات العرقية والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا من ثلاثة أضعاف العوائق، «عوائق مضاعفة ثلاث مرات»، وهو أمر شائن، والأساس المنطقي التجاري لمعالجة هذه المشكلة وواضح وقوي، سواء على مستوى الشركات أو على مستوى اقتصاد المملكة المتحدة، فمن العقلاني تماماً أن تقوم الشركات بتعيين الأشخاص، الذين يتمتعون بأعلى إمكانات التفوق، لكن بعض قادة الشركات تأخروا طويلاً، وبشكل غريب في توسيع نطاق اكتشاف الكوادر.

يلاحظ أيضاً أن تحمل تكاليف السفر والإقامة لإجراء مقابلات العمل واكتساب الخبرة، وتقديم مقابل مادي، خلال شهور التدريب ورسم أطر القبول بالوظائف، تعد استثمارات بسيطة قياساً على ما يمكن أن توفره من عائد كبير إذا ما توصلت الشركات إلى المواهب المرغوبة في شرائح ديموغرافية، ومناطق جغرافية لم يتم استكشافها من قبل، وتحتاج الشركات أيضاً إلى سياسات لسد الفجوات الطبقية في الأجور والترقيات، كما لا يزال بعض المديرين غير متأكدين من كيفية قياس التنوع الاجتماعي والاقتصادي، لكن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ولجنة الحراك الاجتماعي، ومؤسسة ساتون تراست، جميعهم متفقون على أن أفضل سؤال يمكن طرحه على الموظفين هو: ماذا كانت وظيفة مصدر الدخل الرئيسي للأسرة عندما كانت في عمر 14 عاماً ؟

إنه أمر سهل، وقد ذكرته هيئة السلوك المالي في مقترحاتها، لذا يتعين على الجهات التنظيمية أن تتبع الأدلة ومنطقها الخاص، وتجعل الإفصاح عن الطبقة الاجتماعية إلزامياً لجميع الشركات المالية الكبرى، وعلى النقيض من التعليق الساخر جونسون، فلا يستطيع الأطفال اختيار والديهم، ولكن دعونا نتأكد ألا يغفل أصحاب العمل في القطاعات الأكثر ربحية لدينا أفضل المواهب باختيار عدد قليل للغاية من أبناء الطبقة العاملة.

تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى