اخبار الإمارات

الأصدقاء والأحبة

ت + ت الحجم الطبيعي

تتساءل صديقتي بنبرة صوت بدت لي مصدومة فعلاً أو كمن اكتشف لغماً عند مدخل بيتها أخافها أن تخرج فينفجر فيها، قالت لي: هؤلاء الناس الذين نعرفهم، الذين نخرج لنلقاهم في المقاهي والمطاعم، هؤلاء الذين نسميهم أصدقاء وأحبة، ونقطع معهم أياماً وسنين تنقضي في الحديث حول كل شيء، في الأفكار والقناعات، فيما نؤمن وما نحب وما نكره، في الأسرار والخفايا،.. هؤلاء كيف نعرف أنهم حقيقيون؟ كيف يمكن لأحدهم أن ينقلب شخصاً آخر وكأننا لم نعرفه يوماً، كيف..؟

تحكي صديقتي قصة حكتها لها صديقة مقربة، أحبت شخصاً، لفترة طويلة، وعدها بالزواج، وكتب معها سيناريو حياة مشتركة، ولقد بدا لها صادقاً جداً، إضافة إلى أنه رجل له وزنه واحترامه في المجتمع، ولأجله رفضت شباباً تقدموا لخطبتها والزواج منها، بعد أكثر من خمس سنوات، تحدثت إليه عن خطوة الزواج الذي تأخر كثيراً، فبهت من حديثها كما قالت وكأنها تطلب منه أن يقفز من الطابق العشرين في بنايتهم، أنكر كل شيء وعدها به، وطلب منها أن تتوقف عن مطاردته، واختفى تماماً، وقد علمت مؤخراً أنه ينسج فخاً آخر لمغفلة جديدة، كم أصبحت تكرهه! وكم تسبب لها من تخريب حياتي لا يوصف!!

الأصدقاء يا عزيزتي يختلفون عن أصحاب الحاجات والمصالح، شرط الصداقة انتفاء المصلحة والغاية، شرط الصداقة الصدق والثبات والنمو معاً، الثبات على المحبة الخالصة والود العميق مهما تقلبت الدنيا وتغيرت الظروف وشط المزار وبعدت الديار، والنمو في الصداقة رغم البعد والتغيرات، فصداقتنا تكبر وتصبح أكثر عمقاً ونضجاً، نفهم بعضنا أكثر، نقف في ظهر بعضنا، نتعافى معاً، ونتمسك ببعضنا أكثر لأننا نعرف حقيقة أصدقائنا في تلك المواقف والمحن وفي مجمل الأيام.

الصداقة أكبر من الحب، الصداقة تبقى أما الحب فقد ينتهي عند أول خلاف، الأصدقاء يمكن أن يختلفوا ويفترقوا بلا عداوات، أما الأحبة فغالباً ما ينقلبون إلى أعداء إذا اختلفوا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى