اخبار

جروح لا تندمل… – سما الإخبارية

ارتبط شهر سبتمبر في الذاكرة العربية  وحتى الانسانية بتعدد الماسي والجروح و الماسي التي ترفض أن تندمل والتي لا يمكن للزمن اسقاطها او طي صفحاتها طوعا او كرها …صحيح أن الطبيعة أنعمت على الانسان بنعمة النسيان لتجاوز المحن القاسية و الاختبارات الكثيرة في الحياة فان الاكيد أن هناك من الجروح ما لا يندمل ولا يمكن للزمن أن يساعد في تجاوزها وهي تلك الجروح التي تأكد أنها مستعصية على كل الوصفات ..والحديث هنا طبعا يتعلق باختبارات تتعلق بحاضر و ماضي الشعوب و يمتد تأثيرها من جيل الى اخر …
شهر سبتمبر يعود مجددا على وقع كارثتين من صنع الطبيعة زلزال المغرب الذي صدم ا لعالم  باهواله,  وفيضانات ليبيا التي فضحت شريحة من السياسيين الذين أغرتهم السلطة التي شغلتهم و جعلتهم يتنافسون في خدمة مصالهم و ينسون ان مسؤوليتهم الاولى و الاخيرة هي خدمة الشعب الذي منحهم الفرصة و المجال لحكمه .. شهر سبتمبر يطل على وقع  سباق ضد الزمن واستمرار  محاولات الانقاذ  للضحايا في المغرب و ليبيا قبل فوات الاوان و تواتر الصور التي تشهد على حجم الكارثين و ثقل التداعيات و الخسائر البشرية و المادية التي ستظل عالقة في الاذهان لا سيما و ان مدنا باكملها طمرت في الكارثتين وعائلات  بمختلف الاجيال فيها قبرت هنا و هناك …و ليس في هذا الموقف ادنى مبالغة و ربما سيكتشف العالم بعد نهاية عمليات الانقاذ انه كان بالامكان تجنب الكثير من الخسائر و انه كان بالامكان انقاذ الكثير من الارواح لو توفر الحد الادنى من المسؤولية و الوعي و الصدق في خدمة الشعوب …

سبتمبر يبقى ايضا عنوان مجزرة صبرا و شاتيلا التي مر عليها بالامس واحد و اربعون عاما  و هو بالتأكيد عنوان من عناوين ماسي كثيرة تأبى النسيان و ترفض ان تسقط بالتقادم و ستظل تنتظر ان تتحقق العدالة المغيبة و ان يستعيد الضحايا حقهم في اعادة كتابة الحقيقة و كشف من اشتركوا في اقتراف المجزرة التي كانت تقترف في ظل صمت دولي و عربي فيما كانت دبابات الاحتلال الاسرائيلي و طائراته و قذائفه تتهاطل على المخيم و تحرق الاجساد التي ستتعرض للتشويه و سيتم بقر بطون الحوامل و نحر الرضع و منع وصول الاسعاف للجرحى الذين ماتوا بسبب النزيف
ثلاث أيام  بلياليها مرت على اهالي المخيم الذين تم ابادتهم …بعد واحد و اربعين عاما تعود ذكرى المجزرة التي وقف البلدوزر ارييل شارون ينتشي بها و هو يقف على جثث الشهداء الاطفال النساء و الشيوخ و الشباب الذين حوصروا داخل المخيم الذي لا تزال جدرانه و حجارته نشهد على بشاعة ما حدث  بعد مقتل اربعة الاف ضحية من مختلف الاجيال ..
اخيرا و ليس اخرا لاننا لو توقفنا عند كل الاحداث التي تابى النسيان التي ارتبطت بشهر سبتمبر و منها هجمات 11 سبتمبر التي  سيدفع ثمنعا مضاعفا العرب  المسلمون و التي ستغير خارطة العالم و ستفتح اكثر من حرب على اكثر من بلد من افغانستان الى العراق و سوريا و ليبيا الى فلسطين التي تغيب في المنابر الاعلامية عربيا و دوليا و من هنا ايضا مرور ثلاثين عاما على مؤتمر اوسلو الذي تحول الى غنيمة للاحتلال ينهش كل يوم ما بقي من الارض و يطوق الكيان الاسرائيلي فيه بمزيد المشاريع الاستيطانية السرطانية …دخل الفلسطينيون و العرب مؤتمر اوسلو املا في التوصل الى اتفاق يضع حدا للنزيف و يمنح الشعب الفلسطيني حقه في الحياة على ارضه التي قبل اقتسامها مع شعب اخر استوطن ارض فلسطين التاريخية , و لكن طبيعة المفاوض الفلسطيني و العربي التي اتسمت بالغباء و السذاجة و لم تنتبه لتصريحات القيادات الاسرائيلية التي كانت تقول سندوخهم مائة عام خلال المفاوضات و لن يحصلوا على شيء مما في خيالهم …بعد ثلاثين عاما على اوسلو لم يحصل الفلسطينيون على شيء و حتى القليل الذي قنعوا به بدا يتلاشى على وقع الاستيطان و التهويد و التجريف و الطرد و مع ذلك لا يبدو ان هناك صحوة تؤشر الى توجه نحو قلب المعادلة و اعادة ترتيب الاولويات ..
بعد ثلاثين عاماً على الاتفاق لم تنفذ إسرائيل شيئا من بنود الانسحاب بالعكس فان حكومة ناتنياهو تلوح كل يوم بطرد الفلسطينيين على متن قطار سريع الى السويد و تهدد بالغاء قرية حوارة من الخارطة ووزير امنها المتصهين يعتبر انه و اولاده و عائلته اولى بالتنقل بحرية على ارض فلسطين المحتلة من كل ابناء الشعب الفلسطيني …هي اذن قائمة اولية و ليس بجرد نهائي لكل الماسي و الجروح التي ارتبطت بشهر سبتمبر الذي يابى الا ان يعود الا محملا بمزيد الكوارث و الجروح التي لا يمكن للزمن وحده ان يلملمها و يبلسم ضحاياها  …
كاتبة تونسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى