اخبار

حماد صبح: هل الحرب وشيكة بين إسرائيل وحزب الله؟!

تتحرق إسرائيل حيرة وقلقا وتوجسا من نوايا حزب الله ، وتفور في أعماقها رغبة ضارية في الانتقام منه ، ونزع نفسها من كابوس الرعب الذي أثقلها به منذ أن طردها ذليلة مكسورة القلب مخفوضة الرأس  من جنوب لبنان في مايو 2000 ، وزاد من  ثقل ذلك الكابوس بعد أن تعادل معها في حرب 2006 ، وتابع إرعابها وتحجيم قدرتها على الفعل العسكري في لبنان ، وفي المنطقة إجمالا . وفي الأسابيع الأخيرة ، التهب الجو واكفهر بين الطرفين واحتشدت فيه بروق تنذر باحتمال حرب بينهما . بدأ كل ذلك بنصب حزب الله خيمتين في مزارع شبعا المحتلة ، عدتهما إسرائيل عدوانا عليها !
وهددت بمهاجمتهما إذا لم يزلهما  ، ولما لم يخضعه تهديدها  أعلنت أنه لا ضرر أمنيا منهما ! خافت فردعت . ثم اتهمته بمحاولة عرقلة تكملة بناء السياج الأمني الذي بدأته في 2018 والذي يراه لبنان خرقا خطيرا لسيادته لضمه القسم الشمالي من قرية الغجر اللبنانية .
وهاجمت ، الأربعاء ، طائرة إسرائيلية بدون طيار مجموعة من رجال الحزب حين شرعوا في بناء برج مراقبة في مشارف بلدة يارين ، وجرحت ثلاثة منهم ، وأسقط الحزب تلك الطائرة في إنجاز عسكري  سريع لا ريب في أنه أوجع إسرائيل على بساطة خسارتها المادية فيه . هذا الزخم المتتابع من الأحداث المتوترة بين العدوين  اللدودين المتحفزين لبعضهما بعضا قد يفجر الحرب بينهما  بمبادرة من إسرائيل التي أضناها شعورها الطويل باهتراء  ردعها للحزب ، وصعوده بالتوازي  رادعا لها .

وقد تبادر إلى حرب سريعة لإبعاد قواته من منطقة الحدود ولو مؤقتا ريثما تتم بناء سياجها الأمني أسوة بالسياج الذي بنته حول مستوطنات غلاف غزة بطول 65 كيلومترا بداية من نتيفوت في الجنوب وانتهاء بسديروت في الشمال ، وأتمته في 2019 بعد ثلاثة أعوام ونصف من الشروع فيه . وستقبل في حربها السريعة ، في حال إقدامها عليها ، بتلقي رشقات صاروخية كثيرة من الحزب على مستوطنات الشمال ومدن الوسط .
وجاء أصرح وأوضح دليل على توجهها هذا في ما نقلته ” يديعوت أحرونوت ” عن مصادر في الجيش الإسرائيلي تحدثت عن دنو  انتهاء ما سمته استفزازات حزب الله ، وأن صمت الجيش الإسرائيلي في الشمال يقترب من  النفاد   وأجرت ، الأربعاء ، الفرقة السابعة في سلاح المدرعات الإسرائيلي تمرينا مركزا يحاكي حربا في جنوب لبنان .
 وللأحداث الداخلية في إسرائيل دور في توجهها نحو حرب محتملة سريعة مع حزب الله قد تحقق قدرا من التهدئة لها بالالتفاف حول الحكومة المزعزعة ، وأخطر هذه الأحداث الانقسام الذي يتمادى اتساعه في قضية الإصلاح القضائي، وأسوأ هذه الأخطار، ولا نتحدث عن الاقتصادية السيئة ؛  ما يصيب المؤسسة العسكرية التي هدد فيها 500 طيار ، منهم دان حالوتس رئيس الأركان الأسبق ، بوقف تدريباتهم ونشاطاتهم في حال تنفيذ ذلك  الإصلاح  ولو  بالصيغة المعدلة التي يعرضها نتنياهو وأنصاره الملتصقون به ، وأوقف مئات من الأطباء والأطباء النفسيين والمضمدين من جنود الاحتياط خدماتهم احتجاجا عليه .  ولغوغائي  الحكومة المتطرفة مفعولهم الكبير في التحريض على الحرب . وزير الأمن القومي بن غفير يريدها ويحرض عليها . وفي أميركا أصداء عدم رضا عن ذلك الإصلاح .
كتب توماس فريدمان مقالا في ” نيويورك تايمز ” طالب فيه الإدارة الأميركية بإعادة تقييم علاقتها بإسرائيل لما في الإصلاح  من مفارقة إسرائيلية للقيم الأميركية في الديمقراطية ، وتظاهر مئات في اثنتي عشرة مدينة أميركية ، منها واشنطن ونيويورك وبوسطون ولوس أنجلوس ، داعين بايدن إلى عدم التنازل عن الديمقراطية الإسرائيلية.
 إسرائيل في حال يتمناها لها عدوها . في الداخل أزمات وانقسامات خطيرة توهن عظام كيانها ، وحولها أعداء تخافهم ولا تستطيع ردعهم ، فعلى أي جانبيها تميل بعبارة شاعرنا العظيم المتنبي ؟! قد تفضل حربا سريعة مع حزب الله على أزمات الداخل وانقساماته ، ولا ضمان لانقلاب الحرب في حال حدوثها سقوطا من المقلاة إلى  النار . إسرائيل تجتاحها محنة وجود أو زوال ، وما بها من ظواهر هذه المحنة يدنيها إلى  الزوال ، ويقصيها من الوجود .
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى