اخبار الإمارات

خلال كلمته بملتقى أبوظبي الاستراتيجي .. أنور قرقاش: أولوية الإمارات وقف إطلاق نار إنساني والاستجابة للأوضاع في غزة

ت + ت الحجم الطبيعي

قال معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة إن الأولوية العاجلة التي تعمل عليها دولة الإمارات هي مواصلة العمل الجاد لتحقيق وقف إنساني لإطلاق النار في غزة وتنفيذ أعمال إغاثة كبيرة للتعامل مع الظروف القاسية التي تواجه سكان القطاع، مجدداً موقف الإمارات الداعي إلى عدم استهداف كافة المدنيين، كون مثل هذا الأمر يعزز من احتمالات تأجيج الصراع والتطرّف في المنطقة.

وأضاف معاليه خلال الكلمة الرئيسية في النسخة العاشرة من ملتقى أبوظبي الاستراتيجي أن هذه الأولوية يجب أن تسير بالتوازي مع العمل على عدم تمدّد الحرب، مشيراً إلى أن أفضل ضمانة لذلك هي إنهاء موجة العنف الحالية والاعمال العدائية في أقرب وقت مُمكن.

وأكد معالي الدكتور أنور قرقاش أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدائمين لكل من الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي يتأتى من خلال عملية سياسية لتحقيق حل الدولتين مع قيام دولة فلسطينية مُستقلة على أساس حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.. وستصب هذه النتيجة في مصلحة الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي على حدٍ سواء، معبراً عن الأمل في أن يخرج من هذه الأحداث العنيفة والمأساوية في الأسابيع القليلة الماضية التزام حقيقي بحل الدولتين، وهذا ما يتطلّب التزاماً متواصلاً من المجتمع الدولي بهذا الخصوص.

وعلى صعيد دولة الإمارات قال معاليه :”إن السياسة الخارجية لدولة الإمارات تقوم على ثلاث ركائز: الاستقرار والازدهار والقيم، فنحن نسعى للحفاظ على سياستنا الخارجية التي يمثل الاستقرار حجر الزاوية فيها.. وبدون الاستقرار، سنُكافح من أجل تحقيق النتائج التي نعمل من أجلها.. ويتطلب ذلك، من نواح كثيرة، استمرار المسار الذي انتهجته دولتنا منذ تأسيسها”.

وأضاف: “تواجه دولة الإمارات خطر التطرّف بجميع أشكاله، ونعمل على إيجاد حلول سياسية للنزاعات، ونتحرّك بسرعة لتجنّب تشكّل فراغ في السلطة، ونتّخذ إجراءات مسؤولة لتجنّب زعزعة الاستقرار الإقليمي، كما يتضح ذلك من خلال برنامجنا النووي السلمي”.

وأشار إلى أن الدبلوماسية وخفض التصعيد اكتسبت أهمية أكبر في إطار ركيزة الاستقرار، ورغم عدم الاتفاق مع رؤية بعض الجيران الإقليميين، إلا أن الإمارات ملتزمة التزاماً راسخاً بتخفيف حدة التوتّرات والاعتماد بشكل أكبر على الدبلوماسية والحوار كأداة مُهمّة لتحقيق الاستقرار، وهي تعمل دائما عن كثب مع الشركاء لتحقيق ذلك، بما في ذلك الأصدقاء في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية ومصر، حيث تعتبر الشراكات ركيزة أساسية في نهج دولة الإمارات لحل المُشكلات.

وقال معاليه: “في ظل نظام عالمي مُتغيّر، نُثمّن بشكل كبير شُركاءنا الاستراتيجيين في المُجتمع الدولي الأوسع، خاصة الولايات المتحدة وحُلفاءنا على المدى الطويل في أوروبا.. وليس هناك شك في أن الولايات المتحدة أظهرت مركزيتها في الصراع الأوكراني.. وهذا يعكس فيما أراه تغييرات داخل النظام الدولي.. وفي الوقت نفسه، نتطلّع أيضاً شرقاً نحو شركاء مثل الهند واليابان والصين وكوريا الجنوبية وإندونيسيا.. ونرى أن هناك آفاقاً وفرصاً كبيرة للنمو والتنويع متوافرة أيضاً في الشرق.. ولا ترى دولة الإمارات تناقضاً بين هذه العلاقات في الغرب والشرق، حيث نسعى إلى مضاعفة الاتصالات وبناء الجسور بين الدول وتوسيع الفرص.. إنه توازن ليس سهلاً، لكنه ضروري”.

وأضاف معاليه: “أن الاستقرار أحد الركائز الأساسية لسياستنا الخارجية، لكنه يسير جنباً إلى جنب مع الازدهار.. فالرخاء والاستقرار مُترابطان ترابطاً وثيقاً.. ولتحقيق الازدهار الاقتصادي، نحتاج إلى الأمن للناس للاستثمار والتجارة والعمل في دولة الإمارات.. ومع ذلك، يُمكن أن يكون الرخاء المُشترك أيضاً أداة لبناء الاستقرار المشترك.. ومن خلال بناء الروابط الاقتصادية في المنطقة، فإننا نُعزّز الترابط بين البلدان، ونوفر الحوافز لجميع البلدان للحفاظ على الاستقرار في العلاقات”.
وقال معالي الدكتور أنور قرقاش:”إن الروابط التجارية والاستثمارية تساعد على تحسين نوعية حياة الناس في جميع أنحاء المنطقة، ما يؤدّي إلى تقليل الدوافع للتحوّل نحو التطرف والعنف؛ لذلك بينما نبني ازدهارنا من خلال تنويع الاقتصاد وتطوير قطاعات جديدة من النشاط الاقتصادي، مثل الطاقة المُتجدّدة والذكاء الاصطناعي، فإننا نعمل بجد لتعزيز الرخاء المشترك.. وعلى سبيل المثال، قمنا بصياغة اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة، وفي السنوات القليلة الماضية وقّعنا اتفاقيات مع الهند وإسرائيل وإندونيسيا وتركيا وجورجيا وكمبوديا.. ويتجلّى هذا الالتزام بالرخاء المُشترك أيضاً في دعمنا لتطوير ممرّات تجارية جديدة مثل الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا الذي تم الإعلان عنه مؤخراً.. والحقيقة أنه من الخطر بأن يُنظر إلى الاستقرار على أنه ترف لا يعيشه سوى الأغنياء في هذه المنطقة.. ولكن كل طرف في هذه المنطقة يستحق أن يتمتّع بالأمن الاقتصادي، الذي يُشكّل أيضاً ركيزة رئيسة للاستقرار السياسي”.

وأكد معاليه أن الركيزة الثالثة في سياستنا الخارجية تُركّز في المقام الأول على الانسان، وهذه الركيزة هي قيمنا.. وهذه هي القيم التي تُوجّه تنميتنا هنا في هذا الوطن – بما في ذلك التسامح الديني والتعايش، وتمكين المرأة، والتزامنا بالاستدامة، والتطوّر المستمر لسياساتنا لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها.. وهذه القيم هي المفتاح لتحقيق التقدّم، وتحسين حياة الأفراد في جميع أنحاء المنطقة، والمساهمة في بناء الاستقرار وتعزيز الازدهار؛ لذا، فإن قيمنا تُعزّز ركائز الاستقرار والازدهار من خلال إطلاق العنان للمواهب، ومُكافحة التطرّف، وحماية الناس من الفقر وانعدام الأمن البشري، وتزويد منطقتنا التي طالت معاناتها بالأمل والنجاح والنموذج.

وشدد معاليه على أهمية إدراك أن الطموحات والرؤية الوطنية للمستقبل يجب أن تستمر.. وقال :” يتعين علينا أن نتمكن من التعامل مع الأزمات الإقليمية كتلك التي نشهدها اليوم، لكنْ في المقابل يتعين علينا مواصلة الخطط الشاملة لضمان أننا جزء من التقدم العالمي الجماعي والشامل، وعلى صعيد المنطقة لابُد من تبني منظور إيجابي وطموح للمنطقة، ومن الأهمية بمكان أن العمل على تطوير خارطة طريق واضحة تماماً تتعامل مع التراكيب السكانية المتطورة ومحدودية الموارد، والعمل على توليد فرص جديدة، ودمج التكنولوجيا المتقدمة.. واستمرار الالتزام تجاه هذه القضية من خلال الحوكمة الاستباقية والقيادة المؤسسية، والسعي نحو الحفاظ على الزخم بالتقدم نحو الإمام بالرغم من هذه الأزمات الإقليمية.

وأشار معاليه إلى أن مؤتمر “كوب 28” يعتبر أحد الأمثلة حول التزام الإمارات بالعمل متعدد الأطراف لإقامة شراكات مع الدول الأخرى لمواجهة التحديات المشتركة، إذ يُعَدُّ العمل متعدد الأطراف مبدأً أساسياً في علاقات الإمارات الدولية، لافتاً إلى أن دولة الإمارات أصبحت أول دولة في منطقة الشرق الأوسط توقع على اتفاق باريس حول تَغَيُّرْ المناخ عام 2015، حيث يعمق هذا الالتزام تجاه الانخراط المتعدد الأطراف عام 2023 على جبهات مختلفة.
وقال معاليه: “أكملنا تقريباً فترة عضويتنا غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي.. وعمل فريقنا الدبلوماسي بقيادة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية بشكل دؤوب من أجل بناء الجسور وصياغة إجماع داخل المجلس على مدى السنتين الماضيتين.. وعندما تولينا هذا المقعد كنا نستعد لفترة نُرَكَّزُ خلالها على اهتمامات مثل التنمية الدولية وتحسين حياة الشعوب في أفريقيا جنوب الصحراء والقضايا التي تهم المرأة والسلام والأمن، إلا أن الصراع في أوكرانيا فاجأ العالم وهيمن على الأجندة العالمية، غير أن هذا أدى إلى تقوية عزيمتنا للعمل كجسر يمكنه تسهيل الحوار بين الأطراف المختلفة، خاصة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن”.

وأضاف: “لا يمكنني الزعم بأننا حققنا إنجازات كبيرة على تلك الجبهة، لكنَّني اعتقد بأننا تمكنا من تسهيل الحوار بهدف التوصل إلى حلول سياسية.. وتعرضنا للانتقاد بسبب تبني هذه المقاربة المستقلة والبناءة، لكنْ إذا ما عملت الدول التي في مثل حجمنا على تهميش نفسها فإنها ستكون هامشية.. لذلك، نحن على استعداد لتلقي الانتقاد إذا ما اعتقدنا أن ذلك قد يقود نهاية المطاف إلى تغيير إيجابي ومؤثر”.
وقال إن دولة الإمارات نظرت إلى النزاع في أوكرانيا من موقف مبدئي يتماشى مع القانون الدولي واحترام السيادة الوطنية، حيث أكدت دوماً أن من مصلحة النظام الدولي التوصل إلى حل سياسي للحرب في أوكرانيا، مشيراً إلى أنه كلما طال أمد النزاعات ازدادت معاناة الناس الأبرياء والتعقيدات التي ستشكلها هذه النزاعات للنظام الدولي.. ويتعين التحذير دوماً بأنه سيُحكَمُ على ردود الأفعال تجاه أوكرانيا وغزة بشكل منسجم فيما يتعلق بمقاربة واستجابة المجتمع الدولي.. وسينتهي بنا المطاف بصورة غير متساوية حول الطريقة التي ننظر فيها إلى النظام الدولي وحقوق الإنسان.

وأضاف معالي الدكتور أنور قرقاش :”كما انخرطت دولة الإمارات في عمل اقتصادي متعدد الأطراف هذا العام، حيث شاركنا في قمة مجموعة العشرين بفضل الدعوة الكريمة من جانب شركائنا في الهند.. وتُعَدُّ هذه المرة الرابعة التي نشارك فيها في قمة مجموعة العشرين، حيث تلقينا في الماضي دعوات من جانب كل من فرنسا والسعودية وإندونيسيا.. ولعل من غير المعتاد دعوة دولة غير عضو إلى قمة مجموعة العشرين بشكل متكرر كما هي حال دولة الإمارات.. وأعتقد أن هذا يعود إلى أننا أثبتنا أننا نأخذ المسؤولية دوماً على محمل الجد: نضع شيئاً جديداً على الطاولة ونعمل بشكل دؤوب للمساهمة في تحقيق نتائج بناءة”.

ولفت معاليه إلى أن مشاركة الإمارات في قمة مجموعة العشرين تتماشى مع التَحَوَّلَ من مقاربة جيوسياسية باتجاه مقاربة تؤكد على الجوانب الجيواقتصادية، وهذا الأمر راسخ في الرؤية الجوهرية التي ترى أنه يمكن لتعزيز العلاقات الاقتصادية أن يدعم تحقيق نتائج سياسية أفضل.. وتساعد العلاقات الاقتصادية في بناء ازدهار مشترك والذي يمكن له تعزيز الاهتمام بتحقيق الاستقرار المشترك.

وأضاف: “كما عمل هذا الأمر على توجيه قرارنا في وقت سابق من هذا العام بالانضمام إلى مجموعة “بريكس” بشكل رسمي في يناير 2024.. وجرى قراءة هذا القرار بشكل خاطئ من جانب بعض المعلقين باعتباره تحولاً جيوسياسياً، واختيار مجموعة من الشركاء على حساب آخرين.. لكنَّ هذا لم يكن ضمن تفكيرنا على الإطلاق، حيث أن مجموعة “بريكس” ببساطة تُعَدُّ منصة أخرى مهمة للعمل متعدد الأطراف توفر لنا فرصة الانخراط مع الاقتصادات الناشئة والنامية وبناء تعاون وحوار اقتصادي”.

وأكد معاليه أن مؤتمر “ cop28” يوفر منعطفاً مُهماً آخر ضمن التزام الإمارات القائم تجاه دعم العمل المتعدد الأطراف، إذ يحتاج العالم إلى إنجاح المؤتمر، الذي سيكون أول منتدى يعمل على “تقييم الإنجازات” في مجال العمل المناخي والذي يبين مدى التقدم الذي احرزه العالم في تنفيذ أهداف اتفاق باريس.. وندرك تماماً أن ذلك التقييم لن يكون متفائلاً، ولذلك يتعين على أطراف المؤتمر التوحد من أجل تعزيز الجهود وتصحيح المسار لتحقيق الأهداف المعلنة بحلول عام 2030 والقدرة على تحقيق هدف عدم ارتفاع درجة حرارة الأرض لأكثر من 1.5 درجة مئوية.
وقال معالي الدكتور أنور قرقاش: “لقد أمضى معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، رئيس “cop28” هذا العام في الاستماع إلى الأطراف الرئيسة المعنية بهذا الخصوص من الحكومات والمُجتمع المدني والقطاع الخاص في جميع أنحاء العالم.. واستجابةً لذلك، وضعت دولة الإمارات أجندة واضحة تسعى إلى تحقيق نتائج طموحة لتسريع مسار انتقال عادل ومُنظّم للطاقة، ومواصلة تطوير تمويل المناخ، والتركيز على الحياة وسبل العيش، وتعزيز الإدماج.. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك وحدنا.. فهذه العملية هي عملية جماعية؛ لذا، نحث جميع رؤساء الدول والحكومات ووزرائهم على القدوم إلى دبي وهم على استعداد لتحقيق التقدّم الذي يتوقع العالم أن يراه”.

وأضاف معاليه:”بينما نُركّز على دعم حل الأزمات الإقليمية المُباشرة، يجب علينا أيضاً أن نتأكّد من أننا نتصدى لأهم تحد عالمي طويل الأجل في عصرنا والمُتمثّل بتغيّر المناخ.. إن “cop28 ” لا يُمثّل فقط فرصة لمُعالجة تغيّر المناخ، على الرغم من أهمية ذلك.. فهو فرصة أيضاً لتبيان أن قادة العالم يُمكن أن يجتمعوا ويتحلّوا بالشجاعة السياسية والقيم الثابتة لتقديم الحلول التوفيقية اللازمة لضمان مُستقبل مُزدهر وآمن لأطفالنا والأجيال المُقبلة.. فهذا هو نوع القيادة الضروري للتصدّي لتغيّر المناخ، وهو أيضا نوع القيادة المطلوب لتحقيق السلام والاستقرار في منطقتنا”.
  


تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى